الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٤٨
قال الأعشى:
هو دان الرباب أذكر هو الدين * دراكا بغزوة وارتحال ثم دانت بعد الرباب وكانت * كعذاب عقوبة الأقوال قال: هو دان الرباب يعنى أذلها. ثم دانت بعد الرباب أي ذلت له وأطاعت، والدين الجزاء والمكافأة يقال دانه دينا أي جازاه كما قالوا كما تدين تدان قال:
ولم يبق سوى العدوان * دناهم كما دانوا ومنه الدين قال تعالى: (إنما لمدينون) أي لمجزيون محاسبون، ومنه الديان في صفة الله عز وجل. والمدين العبد والمدينة الأمة كأنهما من أذلهما العمل قال الأخطل:
ربت وربا في كرمها ابن مدينة * يظل على مسحاته يتركل فلو كانت الصلاة من جزاء الله لكانت دين الله، وانما هي من ديننا دينا الله بها أي عبدنا فهي ديننا لا دين الله. وأجمع أهل السنة أن الصلاة ليست داخلة في الإيمان لأنها من الأعمال وإنما يرد على أبي حنيفة من عرف وجه الكلام واشتقاقه.
قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بإسناده إلى أبى إسحاق الفزاري يقول سمعت أبا حنيفة يقول: إيمان أبى بكر مثل ايمان إبليس. فهذا أيضا لم ينقل عن أبي حنيفة لكن لو نقل كان على ما ذكرت لك من الأصل أن معرفة أبى بكر الصديق بالله كمعرفة إبليس وهذا لا ينكره عالم لأنا قد أصلنا أن الإيمان هو المعرفة ولا يشك أن إبليس رأى صنع الله تعالى عيانا وأبو بكر انما ثبت هذا عنده بقول النبي صلى الله تعالى وسلم والنقل، ولا شك أن ثبوت العلم في القلب بالرؤية أكثر من ثبوته بالنقل، ويدل على هذا أنه من وصف له طريق حتى حفظ صفاتها كالماء الجاري ثم أراد أن يسلكها فإنه لا يقدر على ذلك، ومن سلكها دفعة بعد أخرى قدر على سلوكها وإن لم يصفها. ويدلك على ما ذكرت أن أكابر الفقهاء إذا حجوا احتاجوا من يعرفهم. فإذا عرفت هذا كان القياس أن يقول إن إيمان إبليس أقوى من إيمان أبى بكر، إلا أن العلم لما استوى قلنا إنه مثله. ثم قال: قال أبو إسحاق: ومن كان من المرجئة ثم لم يقل هذا أنكر عليه قوله. أما قوله إنه من المرجئة فيجئ الجواب إن شاء الله في موضعه. قوله حدثنا الفضل بإسناده عن إيمان إبليس وآدم فهو يخرج على ما ذكرت.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»