تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٤١
ملكا متى خالف ما ألقاه وأتى به الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة ومثله فيما أرى التكلم بما يشبه الهذيان ويضحك منه الصبيان وينبغي لمن وقع له ذلك أن لا يشيعه ويعلن به لما فيه من التعرض للفتنة، فقد أخرج مسلم عن مطرف أيضا من وجه آخر قال: بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال: إني محدثك فإن عشت فاكتم عني وإن مت فحدث بها إن شئت إنه قد سلم علي - وفي رواية الحاكم في المستدرك - اعلم يا مطرف أنه كان يسلم على الملائكة عند رأسي وعند البيت وعند باب الحجرة فلما اكتويت ذهب ذلك قال: فلما برأ كلمه قال: اعلم يا مطرف أنه عاد إلى الذي كنت أكتم على حتى أموت، وكذا ينبغي أن لا يقول لإلقاء الملك عليه إيحاء لما فيه من الإيهام القبيح وهو أيهام وحي النبوة الذي يكفر مدعيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف بين المسلمين، وأطلق بعض الغلاة من الشيعة القول بالإيحاء إلى الأئمة الإطهار وهم رضي الله تعالى عنهم بمعزل عن قبول قول أولئك الأشرار.
فقد روي أن سديرا الصيرفي سأل جعفرا الصادق رضي الله تعالى عنه فقال: جعلت فداك إن شيعتكم اختلفت فيكم فاكثرت حتى قال بعضهم: إن الإمام ينكت في أذنه، وقال آخرون: يوحى إليه، وقال آخرون: يقذف في قلبه، وقال آخرون: يرى في منامه، وقال آخرون: إنما يفتي بكتب آبائه فبأي جوابهم آخذ يجعلني الله تعالى فداك؟ قال: لا تأخذ بشيء مما يقولون يا سدير نحن حجج الله تعالى وأمنائه على خلقه حلالنا من كتاب الله تعالى وحرامنا منه، حكاه محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في أول تفسيره مفاتيح الأسرار وقد ظهر في هذا العصر عصابة من غلاة الشيعة لقبوا أنفسهم بالبابية لهم في هذا الباب فصول يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم في سلك ذوي العقول، وقد كان يتمكن عرقهم في العراق لولا همة وإليه النجيب الذي وقع على همته وديانته الاتفاق حيث خذلهم نصره الله تعالى وشتت شملهم وغضب عليهم رضي الله تعالى عنه وأفسد عملهم فجزاه الله تعالى عن الإسلام خيرا ودفع عنه في الدارين ضيما وضيرا. وادعى بعضهم الوحي إلى عيسى عليه السلام بعد نزوله، وقد سئل عن ذلك ابن حجر الهيثمى فقال: نعم يوحى إليه عليه السلام وحي حقيقي كما في حديث مسلم وغير عن النواس بن سمعان، وفي رواية صحيحة " فبينما هو كذلك إذا وحى الله تعالى يا عيسى إني أخرجت عبادا لي لايد لأحد بقتالهم فحول عبادي إلى الطور وذلك الوحي على لسان جبريل عليه السلام إذ هو السفير بين الله تعالى وأنبيائه " لا يعرف ذلك لغيره، وخبر لا وحى بعدي باطل، وما اشتهر أن جبريل عليه السلام لا ينزل إلى الأرض بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فهو لا أصل له، ويرده خبر الطبراني ما أحب أن يرقد الجنب حتى يتوضأ فإني أخاف أن يتوفى وما يحضره جبريل عليه السلام فإنه يدل على أن جبريل ينزل إلى الأرض ويحضر موت كل مؤمن توفاه الله تعالى وهو على طهارة اه‍، ولعل من نفى الوحي عنه عليه السلام بعد نزوله أراد وحي التشريع وما ذكر وحي لا تشريع فيه فتأمل.
وكونه صلى الله عليه وسلم حاتم النبيين مما نطق به الكتاب وصدعت به السنة واجمعت عليه الأمة فيكفر مدعى خلافه ويقتل أن أصر. ومن السنة ما أخرج أحمد. والبخاري. ومسلم. والنسائي. وابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني دارا بناء فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فانا اللبنة وأنا خاتم النبيين " وصح عن جابر مرفوعا نحو هذا، وكذا عن أبي بن كعب. وأبي سعيد الخدرس رضي الله تعالى عنهم، وللشيخ محيي الدين بن عربي
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»