تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٤
وإنما عدل بالحمد عن النصب الذي هو الأصل في كلامهم على أنه من المصادر التي تنصب بأفعال مضمرة، كقولهم: شكرا وعجبا... ونحو ذلك إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبات المعنى واستقراره، دون تجدده وحدوثه في نحو قولك: أحمد الله حمدا. ومعناه: الثناء الحسن الجميل والمدح (1) الكامل الجزيل للمعبود المنعم بجلائل النعم، المنشئ للخلائق والأمم (2).
سورة الفاتحة / 3 - 5 والرب: السيد المالك، ومنه قول صفوان لأبي سفيان (3): لان يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن (4). يقال: ربه يربه فهو رب، ولم يطلقوا الرب إلا في الله وحده، ويقيد في غيره فيقال: رب الدار، ورب الضيعة.
والعالم: اسم لأولي العلم من الملائكة والثقلين، وقيل: هو اسم لما يعلم به الصانع من الجواهر والأجسام والأعراض، وجمع بالواو والنون وإن كان اسما غير صفة لدلالته على معنى العلم، وليشمل كل جنس مما سمي به (5).

(1) في نسخة: الحمد.
(2) في بعض النسخ: النعم.
(3) هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، من سادات قريش في الجاهلية، وهو والد معاوية رأس الدولة الأموية، ولد سنة 57 ق ه‍، كان من المؤلفة، وكان قبل ذلك رأس المشركين في حرب الاسلام عند ظهوره، حيث قاد قريشا وكنانة يوم أحد ويوم الخندق لقتال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقيل: أسلم يوم فتح مكة سنة 8 ه‍، وروى ابن حجر قال: لما رأى أبو سفيان الناس يطؤون عقب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسده، فقال في نفسه: لو عاودت الجمع لهذا الرجل، فضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صدره ثم قال: إذا يخزيك الله. ثم قال: ومن طريق أبي إسحاق السبيعي نحوه وزاد: ما أيقنت أنك رسول الله حتى الساعة. مات سنة 31 ه‍ بالمدينة، وقيل: بالشام. (الأغاني: ج 6 ص 89، والإصابة لابن حجر: ج 2 ص 178 ت 4046، وتاريخ ابن عساكر: ج 6 ص 388، والبدء والتاريخ: ج 5 ص 107، والأعلام للزركلي: ج 3 ص 201).
(4) حكاه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 10.
(5) ذكره الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 10 - 11، والهمداني في الفريد: ج 1 ص 165.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»