العلامة، واستخلصت (1) من بدائع معانيه وروائع ألفاظه ومبانيه مالا يلفى مثله في كتاب مجتمع الأطراف، ورأيت أن أسمه وأسميه بالكاف الشاف، فخرج الكتابان إلى الوجود، وقد ملكا أزمة القلوب، إذ أحرزا من فنون العلم غاية المطلوب، وجادت جدواهما، وتراءت ناراهما، وبعد في استجماع جواهر الألفاظ وزواهر المعاني مداهما، فسارا (2) في الأمصار مسير الأمثال، وسريا في الأقطار مسرى الخيال، اقترح علي من حل مني محل السواد من البصر والسويداء من الفؤاد، ولدي أبو نصر الحسن - أحسن الله نصره وأرشد أمري وأمره - أن أجرد من الكتابين كتابا ثالثا يكون مجمع بينهما ومحجر (3) عينهما، يأخذ بأطرافهما ويتصف بأوصافهما، ويزيد بأبكار الطرائف وبواكير (4) اللطائف عليهما، فيتحقق ما قيل: إن الثالث خير، فإن الكتب الكبار قد يشق على الشادي (5) حملها ويثقل على الناقل نقلها، فأكثر أبناء الزمان تقصر هممهم عن احتمال أعباء (6) العلوم الثقيلة والإجراء في حلباته (7) المديدة الطويلة، فاستعفيته من ذلك مرة بعد أخرى لما كنت أجده في نفسي من ضعف المنة (8) ووهن القوة، فلقد ذرفت (9) على السبعين سنيا، وبلغت من الكبر عتيا، وصرت كالحنية حنيا (10)، واشتعل الرأس
(٤٩)