اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، وفائدة البدل التوكيد، والإشعار بأن الطريق المستقيم بيانه وتفسيره: صراط من خصهم الله تعالى بعصمته، وأمدهم (1) بخواص نعمته، واحتج بهم على بريته، وفضلهم على كثير من خليقته، فيكون ذلك شهادة لصراطهم بالاستقامة على آكد الوجوه، كما تقول: هل أدلك على أكرم الناس فلان؟ فيكون ذلك أبلغ في وصفه بالكرم من قولك: هل أدلك على فلان الأكرم؟
لأنك بينت كرمه مجملا أولا ومفصلا ثانيا، وأوقعت فلانا تفسيرا للأكرم، فجعلته علما في الكرم، فكأنك قلت: من أراد رجلا جامعا للكرم فعليه بفلان، فهو المعين لذلك غير مدافع فيه، وأطلق الإنعام ليشمل كل إنعام.
وروي عن أهل البيت (عليهم السلام): " صراط من أنعمت عليهم " وعن عمر بن الخطاب وعمرو بن الزبير (2) (3)، والصحيح هو المشهور.
* (غير المغضوب عليهم) * بدل من * (الذين أنعمت عليهم) * على معنى: أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من غضب الله والضلال، أو صفة على معنى: أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة وهي نعمة العصمة وبين السلامة من غضب الله والضلالة.
ويجوز أن يكون * (غير) * هاهنا صفة وإن كان " غير " لا يقع صفة للمعرفة ولا يتعرف بالإضافة إلى المعرفة، لأن * (الذين أنعمت عليهم) * لا توقيت فيه، فهو كقوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني * فمضيت ثمة قلت لا يعنيني (4)