بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٢ - الصفحة ٣
وفيه مع ذلك إحياء لذكرهم، الذي فيه ذكر أئمتهم وسادتهم، وإتمام لنورهم، الذي اكتسبوه من ولايتهم، عمل بما ورد من الحث، على مجالستهم ومخالطتهم، والحض على محادثتهم، فان المسرح طرفه في أكناف سيرة من غاب عنه وما هو عليه من العلم، والعبادة، والفضل، والزهادة، كالمجالس معه المستأنس به، في الانتفاع بأقواله وحركاته، واقتفاء سيرته وآدابه.
ولذا استقرت طريقة المشايخ، على ضبط أحوالهم، وجمعها، وتدوينها، في صحف مكرمة، وكتب شريفة، وأتعبوا أنفسهم في ذلك، حتى تحملوا أعباء السفر، وقطعوا الفيافي والقفار، وركبوا البراري والبحار، ورغبوا حافظيها و مصنفيها، ومدحوا جامعيها، ومؤلفيها، وبالغوا في الثناء عليهم.
وكفى للمقام شاهدا، ما كتبه آية الله: بحر العلوم والمعالي، العلامة الطباطبائي (1) قدس سره، على ظهر نسخه الأصل، من كتاب تتميم أمل الأمل،

(١) هو العلامة الشهير ببحر العلوم. السيد مهدي بن المرتضى الغروي الحسنى الحسيني الطباطبائي الامام الهمام الذي لم تسمع بمثله الأيام سيد العلماء الأعلام ومولى فضلاء الاسلام سيد الفقهاء المتبحرين امام المحدثين والمفسرين علامة دهره وزمانه ووحيد عصره وأوانه صاحب المقامات العالية والكرامات الباهرة الجامع لجميع العلوم سيدنا العلامة آية الله (بحر العلوم) ضاعف الله قدره وأعظم في الاسلام اجره.
وهو - ره - اجل شأنا وأعظم قدرا من مديحة مثلي وما أقول في حق الذي بلغ قدره وجلالته بمرتبة ان الشيخ الجليل والفقيه النبيل العلامة الكبير الحاج الشيخ جعفر النجفي صاحب كاشف الغطاء مع فقاهته وبناهته وزهادته ورياسته ينظف غبار نعله مع حنك عمامته الشريفة.
وكيف لا يفعل كذلك ولا يفتخر بمن تشرفه بلقاء الحجة عجل الله تعالى فرجه (ورزقنا الله رؤيته ونصرته) كان معروفا غير مرة وقد تواتر ذلك بين العلماء والفقهاء و كان ره صاحب الكرامات الباهرة كما قال في حقه الشيخ الأعظم والفقيه الأفخم صاحب الجواهر (صاحب الكرامات الباهرة والمعجزات القاهرة) إلى غير ذلك.
وان قميصا خيط من نسج تسعة * وعشرين حرفا عن معاليه قاصر تولد ره في كربلا في ليلة الجمعة من شهر شوال المكرم سنة ١١٥٥ وكانت مادة تاريخه هذا المصرع (لنصرة آي الحق قد ولد المهدى) ورأي والده العلامة السيد مرتضى في ليلة ولادته في المنام ان الامام أبى الحسن الرضا عليه السلام ارسل شمعة مع الثقة الجليل محمد بن إسماعيل بن بزيع وأشعلها على سطح داره فعلى سناها ولم يدرك مداها يتحير عند رويته النظر ويقول بلسان حاله (ما هذا بشر) كذا ذكره صاحب منتهى المقال في حق هذا العلم المفضال.
وقال صاحب الروضات: مهدي بن السيد المرتضى بن السيد محمد الحسنى الحسيني الطباطبائي النجفي أطال الله بقاه وأدام الله علوه ونعماه الامام الذي لم تسمح بمثله الأيام والهمام الذي عقمت عن انتاج شكله الأعوام سيد العلماء الأعلام ومولى فضلاء الاسلام علامة دهره وزمانه ووحيد عصره وأوانه.
ان تكلم في المعقول قلت هذا الشيخ الرئيس فمن بقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وان باحث في المنقول قلت: هذا العلامة المحقق لفنون الفروع والأصول لم يناظر أحدا الا قلت هذا والله علم الهدى وإذا فسر الكتاب المجيد وأصغيت إليه ذهلت وخلت كأنه الذي أنزله الله عليه إلى آخره وقال المحقق القمي صاحب القوانين ره لما رأيته بحرا مواجا من العلم والبيان تعجبت من ذلك فقلت له من أين هذه المنزلة قال ره: وكيف لا أكون كذلك وقد ضمني (عجل الله فرجه الشريف) إلى صدره مليا.
تتلمذ - ره - عند جماعة من الأعاظم كوالده العلامة السيد مرتضى علم الهدى البروجردي والعلامة الشيخ محمد مهدى الفتوني والعلامة الشيخ يوسف البحريني والمولى محمد باقر المازندراني والعلامة الكبرى أستاذ الكل الاغا باقر الوحيد البهبهاني رحمهم الله ويروى عنه جم غفير من الأكابر من أمثال الشيخ جعفر النجفي الفقيه العلامة السيد جواد العاملي (صاحب مفتاح الكرامة) والفاضل المحقق مولانا احمد النراقي والسيد محمد محسن الكاظمي والآقا سيد محمد الكرماني والحاج محمد إبراهيم الكرباسي الأصفهاني والشيخ العارف أحمد بن زين الدين الأحسائي والميرزا محمد الاخباري والسيد أبى القاسم الموسوي الخونساري جد صاحب الروضات وغيرهم.
توفى رحمه الله في سنة ١٢١٢ وهي تطابق هذا المصرع (قد غاب مهديها جدا وهاديها) وفى النخبة.
والسيد مهدى الطباطبائي * بحر العلوم صفوة الصفاء والمرتضى والده سعيد * مات غريبا عمره مجيد (١٢١٢ ٥٧) ودفن ره في النجف الأشرف في مسجد شيخنا الطوسي ره في قرب قبر الشيخ ره وقال الشيخ الفقيه الشيخ جعفر الكبير في رثائه قصيدة أولها.
ان قلبي لا يستطيع اصطبارا * وقراري أبى الغداة قرارا الذريعة ج ١ ص ١٣٠ - روضات الجنات ص 677 - فوائد الرضوية 676.
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1 2 3 1 2 3 4 5 6 7 8 ... » »»
الفهرست