البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٩٤
لأنه لو رد على المشتري بخيار رؤية أو شرط فإنه يرده على بائعه، سواء كان بقضاء أو رضا، لكونه فسخا في حق الكل كما في المعارج والبزازية معزيا إلى الجامع جدد البائع مع المشتري ثانيا بأقل من الثمن الأول أو أكثر ثم رد عليه بعيب لم يكن له أن يرد على بائعه الأول اه‍.
وفي الصغرى: الغاصب إذا باع المغصوب وسلم فضمن القيمة للمالك ثم رد عليه بعيب فله أن يرد على المالك ويسترد القيمة لأن سبب الضمان البيع والتسليم وقد صار ذلك كأن لم يكن اه‍. وقيد بقوله فرد لأنه لو باعه فاطلع مشتريه على عيب قديم به لا يحدث مثله وحدث عنده عيب ورجع بنقصان العيب القديم، فعند أبي حنيفة لا يرجع البائع على بائعه بنقصان العيب القديم، وعندهما له أن يرجع، كذا ذكره الأسبيجابي ومثله في الصغرى قوله: (ولو قبض المشتري المبيع وادعى عيبا لم يجبر على دفع الثمن ولكن يبرهن أو يحلف بائعه) أي لم يجبر المشتري على دفع الثمن بعد دعوى العيب لأنه أنكر وجوب دفع الثمن حيث أنكر تعين حقه بدعوى العيب ودفع الثمن أولا ليتعين حقه بإزاء تعين المبيع، ولأنه لو قضى بالدفع فلعله يظهر العيب فينقض القضاء فلا يقضي به صونا لقضائه. وتعبير المصنف بلكن أولى من تعبير الهداية بقوله لم يجبر حتى يحلف بائعه أو يقيم بينة لما يلزم على ظاهرها فساد من وجهين: أحدهما أن يقتضي أن المشتري إذا أقام بينة على ما ادعاه يجبر على دفع الثمن وليس كذلك. ثانيهما أنه يقتضي أن البائع إذا طلب منه الحلف يجبر المشتري وإن لم يحلف وليس كذلك، وإنما يجبر بعد الحلف. ولا يلزم شئ مما ذكرناه على عبارة الكتاب والمعنى ولكن الامر لا يخلو من أحد شيئين: إما بينة المشتري فيتبين براءته بالرد على البائع، أو يمين البائع عند عجزه فيلزمه الدفع، ولكن بإقامة البينة لا يتعين الثمن بل إما هو أورد المبيع كما في العناية لأن العيب إذا ثبت خير المشتري فلم يتعين الفسخ وأحسن الوجوه في تأويل الهداية أن معنى عدم الجبر عدم الحكم بشئ حتى يتبين الحال إما ببينة المشتري أو بيمين البائع. وفي إيضاح الاصطلاح: إقامة المشتري بينة على دعواه غاية لتعين عدم الجبر كالتحليف لا لعدم الجبر حتى يلزم الجبر على دفع الثمن عند إقامة البينة على العيب. وإنما قلنا إنه لتعيين عدم الجبر لاحتمال عدم قبول البينة فيجبر المشتري على دفع الثمن، ويحتمل أن تقبل فيبقى عدم الجبر كما كان ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم لا تقض لاحد الخصمين حتى تسمع كلام الآخر فإن
(٩٤)
مفاتيح البحث: البيع (4)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست