البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٧٣
عين أنه عن داء رجعنا إلى قول الأطباء كذلك كما لا يخفي قوله: (والسعال القديم) وهو ما كان عن داء أما المعتاد فلا كما في فتح القدير. وظاهر الكتاب أن الحادث منه ليس بعيب ولو كان موجودا عندهما، والظاهر أن ما كان داء فهو قديم وأن هذا هو مراده من كونه قديما فالمنظور إليه كونه عن داء لا القدم ولذا قال في جامع الفصولين: السعال عيب إن فحش وإلا فلا اه‍ (حكاية) في المستظرف: خطب المأمون بمرور فسعل الناس فنادى بهم إلا من كان به سعال فليتداو بشرب خل الخمر ففعلوا فانقطع عنهم السعال. قوله: (والدين) لأن ماليته تكون مشغولة به والغرماء مقدمون على المولى. أطلقه فشمل دين العبد والجارية وما إذا كان مطالبا به للحال أو متأخرا إلى ما بعد العتق. وفرق بينهما الشافعي وهو حسن إذ لا ضرر على المولى في الثاني وجوابه أنه يلحقه ضرر بنقصان ميراثه منه حيث كان وارثا له، كذا في فتح القدير. وهو بحث منه مخالف للنقل. قال مسكين: والدين أي الدين الذي يطالب به في الحال، أما الدين المؤجل فإنه ليس بعيب، كذا في الذخيرة. والمراد المؤجل إلى العتق.
وفي القنية: الدين عيب إلا إذا كان يسيرا لا يعد مثله نقصانا. وفي السراج الوهاج: إذا كان على العبد دين أو في رقبته جناية فهو عيب لأنه يجب بيعه فيه ودفعه فيها فتستحق رقبته بذلك، ويتصور هذا فيما إذا حدثت به الجناية بعد العقد قبل القبض، أما إذا كانت قبل العقد فبالبيع يصير البائع مختارا للجناية، فإن قضى المولى الدين قبل الرد سقط الرد لأن المعنى الموجب للرد قد زال اه‍. وكذا إذا أبرأ الغريم كما في البزازية قوله: (والشعر والماء في العين) لأنهما يضعفان البصر ويورثان العمى، ولا خصوصية لهما بل كل مرض بالعين فهو عيب ومنه السبل كما في المعراج وكثرة الدمع. وقد ذكر المصنف أولا ضابط العيب ثم ذكر عددا من العيوب ولم يستوفها لكثرتها فلا بأس بتعداد ما اطلعنا عليه في كلامهم تكثيرا للفوائد ولكثرة الاحتياج إليها في المعاملات. ففي المعراج: الثؤلول عيب، وكذا الخال إن كان قبيحا منقصا، والصهوبة حمرة الشعر إذا فحش بحيث تضرب إلى البياض، والشمط وهو اختلاط البياض بالسواد في الشعر في غير أوانه دليل الداء وفي أوانه دليل الكبر، والعشي عيب وهو ضعف البصر بحيث لا يبصر في الليل، والسن الساقط ضرسا كان أو غيره، وكذا السوداء والظفر الأسود المنقص للثمن، والعسر وهو العمل باليسار دون اليمين عجزا لا أن يكون عسر يسر وهو الأضبط الذي يعمل بهما، وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه بهذه
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست