البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٦٨
ويكفي هذا القدر قوله: (وطالب الكفيل أو المديون) لأنه موجبها ولو قال وطالبهما لكان أولى لبيان ذلك، وليفيد حكم طلب أحدهما بالأولى، وأشار إلى أن له حبس أحدهما. وفي البزازية من القضاء من فصل الحبس: وإذا حبس الكفيل يحبس المكفول عنه معه وإذا لوزم يلازمه لو الكفالة بأمره وإلا لا، ولا يأخذ المال قبل الأداء. دلت المسألة على جواب الواقعة وهو أن المكفول له يتمكن من حبس الأصيل والكفيل وكفيل الكفيل وإن كثروا ا ه‍. وسيأتي في الكتاب ما يشير إليه. ثم اعلم أنه يطالبهما إذا كان المال حالا عليهما، فإن كان حالا على أحدهما مؤجلا على الآخر طالب من حل عليه فقط كما سنشرحه بعد إن شاء الله تعالى قوله:
(إلا إذا شرط البراءة فحينئذ تكون حوالة كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها المحيل كفالة) اعتبارا للمعنى فيهما مجازا لا للفظ، وإذا صارت حوالة جرى فيها أحكامها، وكذا في عكسه تجري أحكام الكفالة. وفي وكالة البزازية: الوصاية حال حياته وكالة والوكالة بعد موته وصاية لأن المنظور المعاني ا ه‍. وفي إجارتها وتنعقد بقوله أعرتك هذه الدار شهرا بكذا وكل شهر بكذا ولا تنعقد الإعارة بالإجارة حتى لو قال أجرتك منافعها سنة بلا عوض تكون إجارة فاسدة لا عارية، وكذا لو قال وهبتك منافعها بلا عوض لا تكون عارية ا ه‍. فاستعير لفظ العارية للإجارة دون عكسه وليس خارجا عن قولهم الاعتبار للمعاني لأن معنى الإجارة وجد في الإعارة لأنها من التعاور وهو التناوب وهو معنى الإجارة حيث كان بعوض والإجارة لا تستعار للإعارة لأنها تفيد العوض والإعارة تفيد عدمه، وقدمنا في أول البيوع أن شركة المفاوضة يعتبر فيه لفظها لا المعنى وذكرنا الجواب عنه قوله: (ولو طالب أحدهما كان له أن يطالب الآخر) لما ذكرنا - قالوا - بخلاف المغصوب منه إذا اختار أحد الغاصبين لأن اختيار أحدهما يتضمن التمليك منه عند قضاء القاضي به فلا يمكنه التمليك من الآخر بعد ذلك، وأما المطالبة بالكفالة لا تقتضيه ما لم يوجد منه حقيقة الاستيفاء. وفي غصب البزازية: اختار المالك تضمين الغاصب الأول ورضي به الغاصب أو لم يرض لكن حكم له بالقيمة على الأول فليس له أن يرجع ويضمن الثاني، وإن لم يرض به الأول ولم يحكم به كان له أن يرجع ويضمن الثاني، فإن اختاره الأول ولم يعطه شيئا وهو مفلس فالحاكم يأمر الأول بقبض ماله على الثاني ويعطيه له، فإن أبي المالك يحضرهما ثم يقبل البينة على الغاصب الثاني للغاصب الأول ويأخذ ذلك من الثاني فيقبضه.
(٣٦٨)
مفاتيح البحث: الغصب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست