البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢٤١
يشهدوا بأنه ملك المدعي ولدته على ملكه جاريته. شهدا على رجل في يده جارية أنها لهذا المدعي ثم غابوا أو ما توا ولها ولد في يد المدعى عليه يدعيه المدعي عليه أيضا أنه له وبرهن المدعى عليه على ذلك لا يلتفت الحاكم إلى كلام المدعي عليه وبرهانه ويقضي بالولد للمدعي، فإن حضر الشهود وقالوا الولد كان للمدعي عليه يقضي بضمان قيمة الولد على الشهود كأنهم رجعوا، فإن كان الشهود حضورا سألهم عن الولد، فإن قالوا أنه للمدعي عليه أو لا ندري لمن الولد يقضي بالام للمدعي ولا يقضي بالولد فهذا يؤيد ما ذكرنا أولا ا ه‍.
قوله: (وإن قال لمشتر اشترني فاني عبد فاشتراه فإذا هو حر فإن كان البائع حاضرا أو غائبا غيبة معروفة فلا شئ على العبد) تفريع على أن التناقض في دعوى الحرية معفو عنه فإن هذا الشخص أقر أولا بالعبودية ثم ظهر بعد ذلك أنه حر بدعواه فكان متناقضا لكنه معفو عنه في دعوى الحرية فتقبل الشهادة، وحينئذ فلا يدل وضعها على أنه لا يشترط الدعوى في الحرية العارضة بل العارضة والأصلية سواء في أنه لا بد من دعوى العبد عند أبي حنيفة وهو قول الجمهور وهو الصحيح لأنها حق العبد ولا يمنعها التناقض كما ذكرنا، وإنما لم يلزم العبد في هاتين الصورتين شئ لامكان الرجوع على البائع القابض قوله: (والأرجح المشتري على العبد والعبد على البائع) أي وإن كان البائع غائبا غيبة غير معروفة بأن لم يدر مكانه فإنه المشتري يرجع على من قال له اشترني فأنا عبد بما دفع إلى البائع من الثمن ثم يرجع على من باعه بما رجع المشتري به عليه إن قدر. وإنما يرجع به على من باعه مع أنه لم أمره بالضمان عنه لأنه أدى دينه وهو مضطر في أدائه بخلاف من أدى عن آخر دينا أو حقا عليه بغير أمره وليس مضطرا فيه فإنه لا يرجع به. وإنما قيد بالقيدين لأنه لو قال أنا عبد وقت المبيع ولم يأمره بشرائه أو قال اشترني ولم يقل أنا عبد لا رجوع عليه بشئ، كذا في فتح القدير، وفي العتابية من فضل الاستحقاق ما يخالفه فلينظر ثمة قوله: (بخلاف الرهن) أي لو قال ارتهني فأنا عبد فظهر حرا لم يرجع عليه بشئ من الأحوال كلها وهو ظاهر الرواية عنهم. عن أبي يوسف أنه لا يرجع في البيع والرهن لأن الرجوع بالمعاوضة وهي المبايعة أو بالكفالة ولم يوجدا والموجود هنا مجرد الاخبار كاذبا فصار كما لو قال ذلك أجنبي وكما لو قال ارتهني فأنا عبد. ولهما أن المشتري شرع في الشراء معتمدا على أمره وإقراره فكان مغرورا من جهته والتغرير في المعاوضات التي تقتضي سلامة العوض يجعل سببا للضمان دفعا للغرر بقدر الامكان فكان بتغريره ضامنا لدرك الثمن له عند تعذر رجوعه على البائع كالمولى إذا قال لأهل السوق بايعوا عبدي إني قد أذنت له ففعلوا ثم ظهر أنه مستحق فإنهم يرجعون على المولى
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست