البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢٣٢
للمناسبة بينهما لفظا ومعنى قوله: (البينة حجة متعدية لا الاقرار) لأن البينة لا تصير حجة إلا بقضاء القاضي وله ولاية عامة فينفذ قضاؤه في حق الكافة، والاقرار حجة بنفسه لا يتوقف على القضاء وللمقر ولاية على نفسه دون غيره فيقتصر عليه، كذا ذكر الشارح. وظاهره أن معنى التعدي أنه يكون القضاء به قضاء على كافة الناس في كل شئ قضى به بالبينة وليس كذلك، وإنما يكون القضاء على الكافة في العتق. قال في الخلاصة: القضاء بحرية العبد قضاء في حق الناس كافة ا ه‍. وفي الصغرى من دعوى النكاح من كتاب الدعوى: إذا قضى القاضي لانسان بنكاح امرأة أو بنسب أو بولاء عتاقة ثم ادعاه الآخر لا تسمع، ذكره في آخر الباب الرابع والمائة من أدب القاضي ا ه‍. وأما القضاء بالوقف ففي الخلاصة من القضاء والقضاء بوقفية موضع هل يكون قضاء على الناس كافة؟ اختلف المشايخ فيه. وفي كتاب الدعوى: أرض في يد رجل ادعى أن هذه الدار وقف من جهة فلان على جهة معلومة وأنه متولي ذلك الوقف وذكر الشرائط وأثبت بالبينة وقضى القاضي بالوقفية ثم جاء رجل وادعى أن هذه الأرض ملكه وحقه تسمع بخلاف العبد إذا ادعى العتق على إنسان وقضى القاضي بالعتق ثم ادعى رجل أن هذا العبد ملكه لا تسمع لأن القضاء بالعتق قضاء على جميع الناس كافة بخلاف الوقف. قال الصدر الشهيد: لم نر لهذا رواية ولكن سمعت أنت فتوى السيد أبي شجاع على هذا. وفي فوائد شمس الأئمة الحلواني وركن الاسلام علي السغدي أن الوقف كالعتق في عدم سماع الدعوى بعد قضاء القاضي بالوقفية لأن الوقف بعد ما صح بشرائطه لا يبطل إلا في مواضع مخصوصة وكذا في النوازل ا ه‍. وصحح العمادي في الفصول أن القضاء به ليس قضاء على الكافة فتسمع فيه دعوى الملك فقد ظهر بهذا أن القضاء يكون على الكافة في الحرية والنكاح والنسب والولاء خاصة، وفي الوقف يقتصر على الأصح. وأما القضاء بالملك فقضاء على المدعي عليه وعلى من تلقى الملك منه،
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست