البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٣
الثاني لأنه سلمه البائع الأول إلى المشتري برضاه. القول السابع أنه غير صحيح واختاره صاحب الهداية وأولاده ومشايخ زماننا وعليه الفتوى أعني لا يملك المشتري بيعه من الغير كما في بيع المكره لا كالبيع الفاسد بعد القبض. وسئل الصدر عنه بأنه يجعل فاسدا ويمنع من الاسترداد بعد البيع من غيره كالفاسد وإن قضى الدين قال: هذا كبيع المشتري من المكره. قيل له: فإن أكل المشتري غلة الكرم والأرض والدار؟ قال: حكمه حكم الزوائد في البيع الفاسد يعني أنه يضمنه إذا استهلكه ولا يغرم إن هلك كزوائد المغصوب. القول الثامن الجامع لبعض المحققين أنه فاسد في حق بعض الأحكام حتى ملك كل منهما الفسخ، وصحيح في حق بعض الأحكام كحل الانزال ومنافع المبيع، ورهن في حق البعض حتى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه ولم يملك قطع الشجر ولا هدم البناء وسقط الدين بهلاكه وانقسم الثمن إن دخله نقصان كما في الرهن. قلت: هذا العقد مركب من العقود الثلاثة كالزرافة فيها صفة البعير والبقر والنمر جوز لحاجة الناس إليه بشرط سلامة البدلين لصاحبهما اه‍. وفي المستظرف: الزرافة حيوان عجيب الخلقة ولما كان مألوفها الشجر خلق الله يديها أطول من رجليها وهي ألوان عجيبة، يقال إنها متولدة من ثلاثة حيوانات الناقة الوحشية والضبع والبقرة والوحشية، فينزو الضبع على الناقة فتأتي بذكر، فينزو ذلك الذكر على البقرة فتتولد منه الزرافة. والأصح أنه خلقة بذاته ذكر وأنثى كبقية الحيوانات. وقد فرع في البزازية فروعا كثيرة يحتاج إليها في بيع الوفاء تركناها خوفا من الإطالة، وينبغي أن لا يعدل في الافتاء عن القول الجامع قوله: (فإن نقد في الثلاث صح) يعني في قولهم جميعا وقدمنا صفة انعقاده في الابتداء أما فاسد أو موقوف كما في خيار الشرط، ولم أر ثمرة للاختلاف فإنه إذا أسقطه قبل دخول الرابع جاز اتفاقا، وإن دخل تقرر فساده اتفاقا. ولعل الثمرة تظهر في حل الاقدام عليه وعدمه، ويمكن أن يقال في ثبوت الملك بالقبض فمن قال بفساده أثبته و من قال بالوقف نفاه.
قوله: (وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه) لأن تمام هذا السبب بالمراضاة فلا يتم مع الخيار فينفذ عتق البائع ولا يملك المشتري التصرف فيه وإن قبضه بإذن البائع. ودل كلامه على أن خيار المشتري يمنع خروج الثمن عن ملكه للعلة المذكورة، وأن الخيار إذا كان لهما لم يخرج المبيع عن ملك البائع ولا الثمن عن ملك المشتري. وفي البدائع: إن حكم البيع بخيار موقوف على معنى أنه لا يعرف له حكم للحال والخيار مانع من انعقاد الحكم. وفي المعراج:
إلا أن السبب المنعقد في الأصل يسري إلى الزوائد المتصلة والمنفصلة لكونه محلا له عند وجود
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست