البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١١٦
أراد بالميتة ما ما ت حتف أنفه أما التي ماتت بالسبب كالخنق والجرح في غير موضع الذبح فالمبيع فاسد لا باطل، وكذلك ذبائح المجوس مال متقدم عندهم بمنزلة الخمر، كذا في المعراج. وحاصله أن فيما لم يمت حتف أنفه بل بسبب غير الذكاة روايتين بالنسبة إلى الكافر، وفي رواية الجواز، وفي رواية الفساد، وأما البطلان فلا، وأما في حقنا فالكل سواء. قال في البدائع: ولا ينعقد بيع الميتة والدم وذبيحة المجوسي والمرتد والمشرك ومتروك التسمية عمدا عندنا، وذبيحة المجنون والصبي الذي لا يعقل، وكذا ذبيحة صيد الحرم محرما كان الذابح أو حلالا، وذبيحة المحرم من الصيد في الحل أو الحرم لأن الكل ميتة، ولا ينعقد بيع صيد المحرم سواء كان صيد الحرم أو الحل اه‍. وفي البزازية: بيع متروك التسمية عمدا من كافر لا يجوز اه‍. أطلقه فشمل ما إذا كانت الميتة مبيعا أو ثمنا. والدم قال في القاموس:
أصله دمي تثنيته دميان ودمان وجمعه دماء ودمي وقطعته دمة وهي لغة في الدم وقد دمي كرضي دما، وأدميته ودميته وهو دامي اه‍. وأراد بالدم الدم المسفوح، أما بيع الكبد والطحال فإنه جائز. وأراد بالميتة ما سوى السمك والجراد، وأشار إلى منع ما ليس بمال كبيع العذرة الخالصة، ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع به والوقود به، كذا في السراج الوهاج.
قوله: (والخنزير والخمر) أي في حق المسلم للنهي عن بيعهما وقربانهما. وصرح في الهداية بالفساد فيهما لوجود حقيقة البيع وهو مبادلة المال بالمال فإنه مال عند البعض، ومراده ما إذا كانا مبيعين قوبلا بعرض بيع مقابضة، أما إذا قوبلا بالدراهم أو الدنانير فالبيع باطل حتى لو بيع أحدهما بعبد فقبضه البائع وأعتقه نفذ عتقه، ولو استحقه مستحق فالمشتري خصم له بخلاف بيعه بالميتة إذا أعتقه لم ينفذ، وإذا استحق فليس بخصم كما في البناية. والفرق أن الخمر مال في الجملة في شرع ثم أمر بإهانتها في شرع آخر بطريق لنسخ، وفي تمليكها بالعقد مقصودا اعزاز له بخلاف جعله ثمنا. واعتبر في بيع المقابضة الخمر ثمنا والعرض مبيعا والعكس وإن كان ممكنا لكن ترجح هذا الاعتبار لما فيه من الاحتياط للقرب من تصحيح تصرف العقلاء المكلفين بطريق الاعزاز للعرض فاعتبرنا ذكرها لاعزاز الثوب لا الثوب للخمر فوجبت قيمة العرض لا الخمر ولا فرق بين دخول البائع على الثوب أو الخمر في جعل الثوب هو المبيع، كذا في فتح القدير. والحاصل أن بيع نفس الخمر باطل مطلقا وإنما الكلام فيما قابله، فإن دينا كان باطلا أيضا، وإن عرضا كان فاسدا. وجلد الميتة كالخمر في رواية و
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست