البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٠٨
يبطل بعد العلم به بالتأخير قوله: (ولو قطع المقبوض بسبب عند البائع رده واسترد الثمن) يعني لو اشترى عبدا قد سرق عند البائع ولم يعلم به وقت الشراء ولا وقت القبض فقطعت يده عند المشتري له أن يرده ويأخذ ما دفعه عند الإمام. وقالا: يرجع بما بين قيمته سارقا إلى غير سارق. وعلى هذا الخلاف إذا قتل بسبب كان عند البائع. والحاصل أنه بمنزلة الاستحقاق عنده وبمنزلة العيب عندهما، لهما أن الموجود في يد البائع سبب القطع والقتل وأنه لا ينافي المالية فنفذ العقد فيه لكنه متعيب فيرجع بنقصانه عند تعذر رده وصار كما إذا ا اشترى حاملا فماتت في يده بالولادة فإنه يرجع بفضل ما بين قيمتها حاملا إلى غير حامل وله ان سبب الوجوب في يد البائع في والوجوب يفضي إلى الوجود فيكون الوجود مضافا إلى السبب السابق وصار كما إذا قتل المغصوب أو قطع بعد الرد بجناية وجدت في يد الغاصب ومسألة الحامل ممنوعة. قيد بكونه بسبب عند البائع فقط لأنه لو سرق عندهما فقطع بهما فعندهما يرجع بالنقصان كما ذكرنا، وعنده لا يرده بدون رضا البائع للعيب الحادث ويرجع بربع الثمن، وإن قبله البائع فبثلاثة الأرباع لأن اليد من الآدمي نصفه وقد تلفت بالجنايتين وفي أحدهما الرجوع فيتنصف، فلو تداولته الأيدي ثم قطع في يد الأخير رجع الباعة بعضهم على بعض عنده كما في الاستحقاق. وعندهما يرجع الأخير على بائعه ولا يرجع بائعه على بائعه لأنه بمنزلة العيب. ولم يقيد المصنف بعدم علم المشتري لسرقته عند البائع، وقيده به في الجامع الصغير وهو مفيد على قولهما لأن العلم بالعيب رضا به ولا يفيد على قوله في الصحيح لأن العلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع، كذا في الهداية. ثم اعلم أنه لا أثر في الاستحقاق بعلم المشتري أنه ملك المستحق إلا فيما لو كانت جارية فأولدها عالما بأنها ملك الغير، فإن الولد رقيق لعدم الغرور كما في فصله من جامع الفصولين. وظاهر كلام المصنف أنه ليس بمخير بين إمساكه والرجوع بنصف الثمن وليس كذلك، بل هو مخير فله إمساكه وأخذ نصف الثمن لأنه بمنزلة الاستحقاق لا العيب - كما ذكره الشارح - حتى لو مات بعد القطع حتف أنفه رجع بنصف الثمن عنده كالاستحقاق. ولو أعتقه المشتري ثم قتل أو قطعت يده به فإنه لا يرجع عنده بشئ لفوات المالية به، وعندهما يرجع بالنقصان. وإلى هنا ظهر أن الاختلاف بين الإمام وصاحبيه في ستة مسائل: الأولى له رده عنده لا عندهما. الثانية في
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست