البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٠٢
وأذهب ما فيها. كذا ذكر النووي في شرح مسلم من القصاص ولهما قوله صلى الله عليه وسلم استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة. كذا ذكره الزيلعي المخرج، وفي معراج الدراية: وفي بعض نسخ الأحاديث عن مكان من. وفي المغرب: وأما قولهم استنزهوا البول لحن وفي معراج الدراية: وجه مناسبة عذاب القبر مع ترك استنزاه البول هو أن القبر أول منزل من منازل الآخرة والاستنزاه أول منزل من منازل الطهارة، والصلاة أول ما يحاسب به المرء يوم القيامة فكانت الطهارة أول ما يعذب بتركها في أول منزل من منازل الآخرة، وفي غاية البيان: وجه التمسك به أن البول يشمل كل بول بعمومه وقد ألحق النبي صلى الله عليه وسلم وعيد عذاب القبر بترك استنزاه البول من غير فصل، فدل على أن بول ما يؤكل لحمه نجس لأن الحلال لا يتحقق بمباشرته وعيد ا ه‍. وأجاب في الهداية عن حديث العرنيين بأنه عليه السلام عرف شفاءهم فيه وحيا، وزاد شارحوها كالأتقاني والكاكي جوابا آخر بأن ذلك كان في ابتداء الاسلام ثم نسخ بعد أن نزلت الحدود، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم حين ارتدوا واستاقوا الإبل وليس جزاء المرتد إلا القتل، فعلم إباحة البول انتسخت كالمثلة ا ه‍. وذكر الأصوليون منا أن العام قبل الخصوص يوجب الحكم فيما تناوله قطعا كالخاص حتى يجوز نسخ الخاص بالعام عندنا كحديث العرنيين ورد في أبوال الإبل وهو خاص نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم استنزهوا من البول لأن البول عام لأن اللام فيه للجنس في ضمن المشخصات فيحمل على جميعها إذ لا عهد، وحديث العرنيين متقدم لأن المثلة التي تضمنتها منسوخة بالاتفاق لأنها كانت في ابتداء الاسلام ا ه‍. وهذا كله مبني على أن قصة العرنيين تضمنت مثلة وقد صرح به في الهداية من كتاب الجهاد فقال:
والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة بالنهي المتأخر، وأراد بالنهي المتأخر ما ذكره البيهقي عن أنس قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك خطبة إلا نهى فيها عن المثلة.
وقد أنكر بعضهم كون الواقع في قصتهم مثلة كما روى ابن سعد في خبرهم أنهم قطعوا يد الراعي ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينه حتى مات فليس هذا بمثلة، والمثلة ما كان ابتداء على غير جزاء وقد جاء في صحيح مسلم: إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء. وسيأتي بقيته في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى. وأما ما أجاب به
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست