البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
المس وقراءة القرآن (الجنابة والنفاس) وقد تقدم بيان أحكام النفاس.
قوله: (وتوطأ بلا غسل بتصرم لأكثره) أي ويحل وطئ الحائض إذا انقطع دمها العشرة بمجرد الانقطاع من غير توقف على اغتسالها. وقال في المغرب: تصرم القتال انقطع وسكن.
قوله: (ولا قله لا حتى تغتسل أو يمضي عليها أدنى وقت صلاة) اعلم أن هذه المسألة على ثلاثة أوجه لأن الدم إما ينقطع لتمام العشرة أو دونها لتمام العادة أو دونهما، ففيما إذا انقطع لتمام العشرة يحل وطؤها بمجرد الانقطاع ويستحب له أن يطأها حتى تغتسل، وفيما إذا انقطع لما دون العشرة دون عادتها لا يقربها وإن اغتسلت ما لم تمض عادتها، وفيما إذا انقطع للأقل لتمام عادتها إن اغتسلت أو مضى عليها وقت صلاة حل وإلا لا. وكذا النفاس إذا انقطع لما دون الأربعين لتمام عادتها، فإن اغتسلت أو مضى الوقت حل وإلا لا. كذا في المحيط: وقال الشافعي: لا يجوز وطؤها حتى تغتسل مطلقا عملا بقوله تعالى * (حتى يطهرن) * (البقرة: 222) بالتشديد أي يغتسلن. ونقله الأسبيجابي عن زفر. ولنا أن في الآية قراءتين يطهرن بالتخفيف ويطهرن بالتشديد ومؤدى الأولى انتهاء الحرمة العارضة بالانقطاع مطلقا وإذا انتهت الحرمة العارضة على الحل حلت بالضرورة، ومؤدى الثانية عدم انتهائها عنده بل بعد الاغتسال فوجب الجمع ما أمكن، فحملنا الأولى على الانقطاع لأكثر المدة، والثانية عليه لتمام العادة التي ليست أكثر مدة الحيض وهو المناسب لأن في توقيف قربانها في الانقطاع للأكثر على الغسل إنزالها حائضا حكما وهو مناف لحكم الشرع عليها بوجوب الصلاة المستلزم إنزاله إياها طاهرة قطعا بخلاف تمام العادة فإن الشرع لم يقطع عليها بالطهر بل يجوز الحيض بعده، ولذا لو زادت ولم تجاوز العشرة كان الكل حيضا بالاتفاق.
بقي أن مقتضى الثانية ثبوت الحرمة قبل الغسل فرفع الحرمة قبله بخروج الوقت معارضة للنص بالمعنى. والجواب أن القراءة الثانية خص منها صورة الانقطاع للعشرة بقراءة التخفيف فجاز أن تخص ثانيا بالمعنى. كذا في فتح القدير وعبارته في التحرير في فصل التعارض:
وقراءتي التشديد في يطهرن المانعة إلى الغسل والتخفيف إلى الطهر فيحل القربان قبله بالحل
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست