السراج الوهاج أن عليه الفتوى، وقد تقدم أنه أقرب إلى التعظيم. والخلاف في الغلاف المشرز جار في الكم ففي المحيط لا يكره مسه بالكم عند الجمهور واختاره المصنف في الكافي، وعلله بأن المس محرم وهو اسم للمباشرة باليد بلا حائل ا ه. وفي الهداية: ويكره مسه بالكم هو الصحيح لأنه تابع له ا ه. وفي الخلاصة: من فصل القرآن وكرهه عامة مشايخنا ا ه. فهو معارض لما في المحيط فكان هو الأولى. وفي فتح القدير: والمراد بالكراهة كراهة التحريم ولهذا عبر بنفي الجواز في الفتاوى. وقال لي بعض الاخوان: هل يجوز مس المصحف بمنديل هو لابسه على عنقه؟ قلت: لا أعلم فيه منقولا والذي يظهر أنه إن كان بطرفه وهو يتحرك بحركته ينبغي أن لا يجوز، وإن كان لا يتحرك بحركته ينبغي أن يجوز لاعتبارهم إياه في الأول تابعا له كبدنه دون الثاني. قالوا فيمن صلى وعليه عمامة بطرفها نجاسة مانعة إن كان ألقاه وهو يتحرك لا يجوز وإلا يجوز اعتبارا له على ما ذكرنا ا ه. وفي الهداية بخلاف كتب الشريعة حيث يرخص لأهلها في مسها بالكم لأن فيه ضرورة ا ه.
وفي فتح القدير: إنه يقتضي أنه لا يرخص بلا كم. قالوا: يكره مس كتب التفسير والفقه والسنن لأنها لا تخلو عن آيات القرآن وهذا التعليل يمنع مس شروح النحو أيضا ا ه. وفي الخلاصة: يكره مس كتب الأحاديث والفقه للمحدث عندهما، وعند أبي حنيفة الأصح أنه لا يكره، ذكره من كتاب الصلاة في فضل القراءة خارج الصلاة. وفي شرح الدرر والغرر:
ورخص المس باليد في الكتب الشرعية إلا التفسير. ذكره في مجمع الفتاوى وغيره ا ه. وفي السراج الوهاج معزيا إلى الحواشي: المستحب أن لا يأخذ كتب الشريعة بالكم أيضا بل يجدد الوضوء كلما أحدث وهذا أقرب إلى التعظيم. قال الحلواني: إنما نلت هذا العلم بالتعظيم فإني ما أخذت الكاغد إلا بطهارة، والإمام السرخسي كان مبطونا في ليلة وكان يكرر درس كتابه فتوضأ في تلك الليلة سبعة عشرة مرة.
فروع: من التعظيم أن لا يمد رجله إلى الكتاب. وفي التجنيس: المصحف إذا صار كهنا أي عتيقا وصار بحال لا يقرأ فيه وخاف أن يضيع يجعل في خرقة طاهرة ويدفن لأن المسلم إذا مات يدفن فالمصحف إذا صار كذلك كان دفنه أفضل من وضعه موضعا يخاف أن تقع عليه النجاسة أو نحو ذلك. والنصراني إذا تعلم القرآن يعلم والفقه كذلك لأنه عسى يهتدي لكن لا يمس المصحف، وإذا اغتسل ثم مس لا بأس به في قول محمد، وعندهما يمنع من مس المصحف مطلقا. ولو كان القرآن مكتوبا بالفارسية يحرم على الجنب والحائض مسه بالاجماع وهو الصحيح، أما عند أبي حنيفة فظاهر، وكذلك عندهما لأنه قرآن عندهما حتى