البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٥٧
ما رأت الدم فيه وما لم تره، وسواء كانت مبتدأة أو لا، وما سواه فدم استحاضة وطهره طهر.
ووافق محمد أبا يوسف في الطهر المتخلل في مدة النفاس إن كان خمسة عشر يوما فصل بين الدمين فيجعل الأول نفاسا والثاني حيضا إن أمكن بأن كان ثلاثة بلياليها فصاعدا أو يومين وأكثر الثالث عند أبي يوسف وإلا كان استحاضة، وعند أبي حنيفة لا يفصل ويجعل إحاطة الدم بطرفيه كالدم المتوالي، فلو رأت بعد الولادة يوما دما وثمانية وثلاثين طهرا ويوما دما فالأربعون نفاس عنده، وعندهما نفاسها الدم الأول. ومن أصل أبي يوسف أيضا أنه يجوز بداية الحيض بالطهر وختمه به بشرط أن يكون قبله وبعده دم ويجعل الطهر بإحاطة الدمين به حيضا، وإن كان قبله دم ولم يكن بعده دم يجوز بداية الحيض بالطهر ولا يجوز ختمه به وعلى عكسه بأن كان بعده دم ولم يكن قبله دم يجوز ختم الحيض بالطهر ولا يجوز بدايته به، فلو رأت مبتدأه يوما دما وأربعة عشر طهرا ويوما دما كانت العشرة الأولى حيضا يحكم ببلوغها، ولو رأت المعتادة قبل عادتها يوما دما وعشرة طهرا ويوما دما فالعشرة التي لم تر فيها الدم حيض إن كانت عادتها العشرة، فإن كانت أقل ردت إلى أيام عادتها، والاخذ بقول أبي يوسف أيسر وكثير من المتأخرين أفتوا به لأنه أسهل على المفتي والمستفتي، لأن في قول محمد وغيره تفاصيل يحرج الناس في ضبطها، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما. وروى محمد عن أبي حنيفة أن الشرط أن يكون الدم محيطا بطرفي العشرة فإذا كان كذلك لم يكن الطهر المتخلل فاصلا بين الدمين وإلا كان فاصلا، فلو رأت مبتدأة يوما دما وثمانية طهرا ويوما دما، فالعشرة حيض يحكم ببلوغها. ولو كانت معتادة فرأت قبل عادتها يوما دما وتسعة طهرا ويوما دما لا يكون شئ منه حيضا، ووجه أن استيعاب الدم ليس بشرط إجماعا فيعتبر أوله وآخره كالنصاب في باب الزكاة، وقد اختار هذه الرواية أصحاب المتون لكن لم تصحح في الشروح كما لا يخفى
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست