البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
ومضي المدة غير ناقض في الحقيقة وإنما الناقض له الحدث السابق لكن الحدث يظهر عند وجودهما فأضيف النقض إليهما مجازا كما تقدم في التيمم. فإن قيل: لا حدث ليسري لأنه قد كان حل بالخف ثم زال بالمسح. فلا يعود إلا بسببه من الخارج النجس ونحوه قلنا: جاز أن يعتبر الشرع ارتفاع الحدث بمسح الخف مقيدا بمدة منعه ثم علمنا وقوع مثله في التيمم حيث اعتبر في ارتفاعه باستعماله الصعيد تقييده بمدة اعتباره عاملا أعني مدة عدم القدرة على الماء، ويناسب ذلك لوصف البدلية وهو في المسح ثابت بل هو فيه من وجهين، فإن المسح وإن كان بالماء لكنه يدل عن وظيفة الغسل والخف عن الرجل فوجب تقييد الارتفاع فيه بمدة اعتباره بدلا يفيد ما يفيده الأصل كما تفيد في التيمم بمدة كونه بدلا يفيد ما يفيده الأصل مع أن المقام مقام الاحتياط. كذا في فتح القدير. قوله (إن لم يخف ذهاب رجله من البرد) أي ينقضه مضي المدة بشرط أن لا يخاف على رجله العطب بالنزع، ومفهومه أنه إذا خاف يجوز له المسح مطلقا من غير توقيت بمدة إلى أن يزول هذا الخوف، وظاهره أنه لا ينتقض عند الخوف، وتعقبه في فتح القدير بأن خوف البرد لا أثر له في منع السراية كما أن عدم الماء لا يمنعها، فغاية الامر أنه لا ينزع لكن لا يمسح بل يتيمم لخوف البرد، وعن هذا نقل بعض المشايخ تأويل المسح المذكور بأنه مسح جبيرة لا كمسح الخف. فعلى هذا يستوعب الخف على ما هو الأولى أو أكثره وهو غير المفهوم من اللفظ المؤول مع أنه إنما يتم إذا كان مسمى الجبيرة يصدق على ساتر ليس تحته محل وجع بل عضو صحيح غير أنه يخاف من كشفه حدوث المرض للبرد ويستلزم بطلان كلية مسألة التيمم لخوف البرد على عضو أو اسوداده، ويقتضي أيضا على ظاهر مذهب أبي حنيفة جواز تركه رأسا وهو خلاف ما يفيده اعطاؤهم حكم المسألة اه‍. وفي معراج الدراية: ولو مضت وهو يخاف البرد على رجله بالنزع يستوعب بالمسح كالجبائر اه‍. فأفاد الاستيعاب وأنه ملحق بالجبائر لا جبيرة حقيقة. وأما كلية مسألة التيمم فمخصوصة بما إذا لم يكن عليه جبيرة أو ما هو ملحق بها، وأما جواز تركه رأسا فالمفتي به عدمه في الجبيرة كما سيأتي فكذا في الملحق بها. وفي فتاوى قاضيخان: لو تمت
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست