البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٠٧
والقدم من الرجل ما يطأ عليه الانسان من لدن الرسغ إلى ما دون ذلك وهي مؤنثة والعقب بكسر القاف مؤخر القدم.
قوله (ويجمع في خف لا فيهما) أي ويجمع الخروق في خف واحد لا في خفين حتى لو كان الخرق في خف واحد قدر إصبعين في موضع أو موضعين وفي الآخر قدر أصبع جاز المسح عليهما بعد أن يقع المقدار الواجب على الخف نفسه، فإن الظاهر أنه لو مسح مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد على الصحيح منه وعلى ما ظهر من الخرق اليسير كما في هذه المسألة أنه لا يجوز لأن المسح على ما ظهر من الخرق ليس بمسح على الخف حقيقة ولا حكما. أما حقيقة فظاهر، وأما حكما فلان الخرق المذكور إنما جعل عفوا في جواز المسح على خف هو فيه لكن لا بحيث يكون ما يقع على ما ظهر منه محسوبا من القدر الواجب لما تقدم من أنه إنما اعتبر عفوا فيه لأن في اعتباره مانعا من المسح حرجا لازما لما ذكرنا، ولا حرج في عدم احتساب ما يقع من المسح على ما ظهر منه من القدر الواجب لعدم العسر في فعله على غيره، فظهر أن عدم اعتباره مانعا من المسح على خف هو فيه للضرورة وأنه لا ضرورة لاحتساب ما يقع إليه من القدر الواجب من المسح وما ثبت بالضرورة يتقدر بقدرها.
كذا في شرح منية المصلي. وإذ امتنع المسح على أحدهما بجمع الخروق المتفرقة امتنع المسح على الآخر لما عرف حتى يلبس مكان المتخرق ما يجوز المسح عليه، وهذا الحكم المذكور في الكتاب هو المشهور في المذهب، وقد بحث المحقق كمال الدين بحثا عليه فقال: لقائل أن يقول لا داعي إلى جمع الخروق وهو اعتبارها، كأنها في مكان واحد لمنع المسح لأن امتناعه فيما إذا اتحد المكان حقيقة لانتفاء معنى الخف بامتناع قطع المسافة المعتادة به لا لذاته، ولا لذات الانكشاف من حيث هو انكشاف وإلا لوجب الغسل في الخرق الصغير وهذا المعنى منتف عند تفرقها صغيرة كقدر الحمصة والفولة لامكان قطعها مع ذلك وعدم وجوب غسل البادي اه‍. وقد قواه تلميذه ابن أمير حاج بأن هذه الدراية موافقة لرواية عن أبي يوسف مذكورة في خزانة الفتاوى، وفي بعض شروح المجمع أنه لا يجمع الخرق سواء كان في خف أو خفين اه‍. وقد رأيت في التوشيح أن هذه الرواية قول أبي يوسف وجعل الجمع قول محمد اه‍. ولا شك أن هذه الدراية أولى مما في المحيط من أن الخروق المتعددة في الخف قدر ثلاثة أصابع تمنع من تتابع المشي فيه إذ لا يخفى ما فيه من المنع الظاهر. ومما في البدائع من أن
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست