الشرع فينبغي أن لا يجوز قدر ثلاث أصابع إلا بنص، ولم يجب عنه في فتح القدير. وبأنه ينبغي أنه لو بدأ من الساق لا يجوز لما ذكرنا. فأجاب عن الثاني في فتح القدير بأنه لا يجب مراعاة جميع ما ورد به في محل الابتداء أو الانتهاء للعلم بأن المقصود إيقاع البلة على ذلك المحل. وأجاب عن الأول في معراج الدراية بأنه روي أنه عليه السلام مسح على خفيه من غير ذكر مد إلى الساق كما روي المد فجعل المفروض أصل المسح والمد سنة جمعا بين الأدلة، وتعقب بأنه ينبغي حمل المطلق على المقيد هنا لورودهما في حكم واحد في محل واحد كما في كفارة اليمين. وأجيب بأن الروايتين لا يتساويان في الشهرة بل المطلق هو المشهور دون المقيد، ولئن سلمنا تساويهما لا يجب الحمل أيضا لامكان الجمع فإن مسحه عليه السلام لم يقتصر على مرة واحدة فلا يكون الاطلاق والتقييد في حكم واحد في حادثة واحدة بل في متعدد في نفسه فيثبت أصل المسح وسنية المد، وتعقب بأنه ينبغي أن يستحب الجمع بين مسح الظاهر والباطن لكونهما مرويين والجمع ممكن، فيثبت فرضية أصل المسح وسنية المسح على الظاهر والباطن. وأجيب بأن في إحدى الروايتين احتمالا كما قدمناه فلا تثبت السنية بالشك، وقد يقال كان ينبغي على هذا أن يكون في صوم الكفارة مطلق الصوم واجبا والتتابع سنة ويكون هذا جمعا بين القراءتين، ولهذا والله أعلم لم يرتض المحقق في فتح القدير بما أجاب به في معراج الدراية وفي البدائع ما يصلح جوابا عما في فتح القدير فإنه استدل على فرضية ثلاث أصابع بحديث علي أنه عليه الصلاة والسلام مسح على ظهر خفيه خطوطا بالأصابع قال: وهذا خرج مخرج التفسير للمسح.
والأصابع اسم جمع وأقل الجمع الصحيح ثلاثة فكان هذا تقديرا للمسح بثلاث أصابع اليد اه. وهكذا ذكر الأقطع. واستدل المصنف في المستصفى بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغسل خفيه فقال صلى الله عليه وسلم: أما يكفيك مسح ثلاثة أصابع اه. وهذا صريح في المقصود. وفي قوله مرة إشارة إلى أنه لا يسن تكراره كمسح الرأس عملا بما ورد أنه عليه السلام مسح على ظاهر خفيه خطوطا بالأصابع بطريق الإشارة إذ الخطوط إنما تكون إذا مسح مرة. كذا في المستصفى. ولم يذكر المصنف الخطوط للإشارة إلى الرد على ما يفهم من عبارة الطحاوي أنها فرض كما هو ظاهر المجتبى فإنه ذكر أن إظهار الخطوط في المسح ليس بشرط في ظاهر الرواية ثم قال: وقال الطحاوي: المسح على الخفين خطوطا بالأصابع اه. والظاهر ظاهر الرواية، نعم إظهار الخطوط شرط السنية.
قوله (بثلاث أصابع) بيان لمقدار آلة المسح بطريق المنطوق ولبيان قدر الممسوح بطريق