إسناده صحيح والبخاري على أنه حديث حسن. والجواب أن معنى أدخلتهما أدخلت كل واحدة الخف وهي طاهرة لأنهما اقترنا في الطهارة والادخال لأن ذلك غير متصور عادة، وهذا كما يقال دخلنا البلد ونحن ركبا يشترط أن يكون كل واحد راكبا عند دخولها ولا يشترط أن يكون جميعهم ركبانا عند دخول كل واحد منهم ولا اقترانهم في الدخول. كذا أجاب في التبيين وغيره لكن لا يصدق على الصورة الأخيرة التي ذكرناها وهي ما إذا بدأ بلبسهما ثم توضأ إلى آخره نظرا إلى ابتداء اللبس لا إلى ما بعد الوضوء الكامل المشتمل على غسلهما بعد ذلك، لكن أهل المذهب ليسوا بمعتدين بابتداء هذا اللبس في هذه الصورة بل إنما هم معتدون باستمراره لهما بعد الوضوء الكامل تنزيلا لاستمرار اللبس من وقته إلى حين الحدث بعده بمنزلة ابتداء لبس جديد وجد الحدث بعده على طهارة كاملة لعقلية أن المقصود وقوع المسح على خف يكون ملبوسا عند أول حدث يحدث بعد اللبس على طهارة كاملة، وهذا المقصود موجود في هذه الصورة كما في الصور الأخر، ألا ترى أن في الوجه الذي فعل فيه الوضوء بتمامه مرتبا لو نزع رجليه من خفيه ثم أعادهما إليهما من غير إعادة غسلهما أنه يمسح على الخفين إذا أحدث بعد ذلك قبل مضي المدة بالاجماع، وهذا ظاهر في أنه لا أثر لعدم الاكمال قبل ابتداء اللبس في المنع من جواز المسح إذا وجد الاكمال بعد ابتداء اللبس قبل الحدث على أن كلا من الحديثين المذكورين ليس بمتعرض لعدم الجواز في هذه الصورة اللهم إلا أن كان حديث أبي بكرة بطريق مفهوم المخالفة وهو طريق غير صحيح عند أهل المذهب على ما عرف في علم الأصول مع أن كلا منهما وما ضاهاهما يجوز أن يكون خرج مخرج البيان لما هو الأكمل في ذلك والأحسن، وأهل المذهب قائلون بأن هذا الذي عينه مخالفوهم محلا للجواز نظر إلى هذه الأحاديث هو الوجه الأكمل.
واعلم أن في قوله وقت الحدث توسعا والمراد قبيل الحدث أي متصلا به لأن وقت الحدث لا يجامع الطهارة فكيف يكون ظرفا له: وإنما أراد المبالغة في اتصال الوضوء التام بالحدث حتى كأنهما في وقت واحد. كذا ذكره مسكين في شرحه. وقد أفصح المصنف عن مراده في الكافي فقال: شرطه أن يكون الحدث بعد اللبس طارئا على وضوء تام. وقد ذكر في التوشيح إنه لو توضأ للفجر وغسل رجليه ولبس خفيه وصلى ثم أحدث وتوضأ للظهر وصلى ثم للعصر كذلك ثم تذكر أن لم يمسح رأسه في الفجر ينزع خفيه ويعيد الصلاة لأنه تبين أن اللبس لم يكن على طهارة تامة، وإن تبين أنه لم يمسح في الظهر فعليه إعادة الظهر خاصة لتيقنه أنه كان على طهارة في العصر تامة فتكون طهارته للعصر تامة ولا ترتيب عليه للنسيان. وذكر في السراج الوهاج معزيا إلى الفتاوى: رجل ليست له إلا رجل واحدة يجوز