لأنه لم يشد عليها أو لم يحكم ذلك فكأنه ألقاه بيده على الطريق وكذلك من عطب به بعدما وقع علي الأرض فان عثر به أو تعقل فهو ضامن له بمنزلة ما لو وضعه بيده علي الطريق والراكب والرديف والسائق والقائد في الضمان سواء لان الدابة في أيديهم وهم يسيرونها ويصرفونها كيف شاؤوا وذلك مروى عن شريح رحمه الله إلا أنه لا كفارة على السائق والقائد فيما وطئت لأنهما مسببان للقتل والكفارة جزاء مباشرة القتل فأما الراكب والمرتدف فمباشر ان القتل بفعلهما فعليهما الكفارة كالنائم إذا انقلب علي انسان فقتله وإذا أوقف دابته في طريق المسلمين أو في دار لا يملكها بغير إذن أهلها فما أصابت بيد أو رجل أو ذنب أو كدمت أو سال من عرقها أو لعابها علي الطريق فزلق به انسان فضمان ذلك على عاقلته لأنه متعد في هذا التسبيب فإنه ممنوع من ايقاف الدابة في ملك غيره بغير إذنه وكذلك في طريق المسلمين هو ممنوع من ايقاف الدابة خصوصا إذا كان يضر بالمار ولكن لا كفارة عليه لانعدام مباشرة القتل منه وإذا أرسل الرجل دابته في الطريق فما أصابت في وجهها فهو ضامن له كما يضمن الذي سار به ولا كفارة عليه لأنه سائق لها ما دامت تسير على سنن إرساله فإذا عدت يمينا أو شمالا فلا ضمان عليه لأنها تغيرت عن حالتها أنشأت سير آخر باختيارها فكانت كالمنفلتة إلا أن لا يكون لها طريق غير الذي أحدثت فيه فحينئذ يكون ضامنا على حاله لأنه إنما سيرها في الطريق الذي يمكنه أن يسير فيه وإنما سارت في ذلك الطريق فكان هو سائقا لها ووقفت ثم سارت فيه برئ الرجل من الضمان إذا لأنها لما وقفت فقد انقطع حكم إرساله ثم أنشأت بعد ذلك سيرا باختيارها في كالمنفلتة فان ردها فالذي ردها ضامن لما أصابت في فورها ذلك لأنه سائق لها في الطريق الذي ردها فيه وإذا حل عنها وأوقفها ثم سارت هي فلا ضمان عليه لان حكم فعله قد انقطع بما أنشأت من السير باختيارها قال وإذا اصطدم الفارسان فوقعا جميعا فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه عندنا استحسانا وفي القياس على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه وهو قول زفر والشافعي وجه القياس ان كل واحد منهما إنما مات بفعله وفعل صاحبه لان الاصطدام فعل منهما جميعا فإنما وقع كل واحد منهما بقوته وقوة صاحبه فيكون هذا بمنزلة ما لو جرح نفسه وجرحه غيره ولكنا استحسنا لما روى عن علي رضي الله عنه انه جعل دية كل واحد من المصطدمين علي عاقلة صاحبه والمعنى فيه أن كل واحد منهما موقع لصاحبه فكأنه أوقعه عن الدابة بيده وهذا
(١٩٠)