وأيد ما قلنا قوله تعالي فقد جعلنا لوليه سلطانا بين أن القصاص للولي القائم مقام المقتول إذا ثبت هذا فنقول القصاص لا يحتمل التجزء وقد ثبت سبب لا يحتمل التجزء فاما أن يتكامل فيه حق كل واحد منهم أو ينعدم لأنه لا يمكن اثباته متجزئا ولم ينعدم باتفاق فعرفنا أنه تكامل فيه حق كل واحد منهم لا على أنه تعدد القصاص في المحل ولكن بطريق أنه يجعل كل واحد منهم كأنه ليس معه غيره بمنزلة الأولياء في النكاح ينفرد كل واحد منهم بالتزويج كأنه ليس معه غيره والدليل عليه انه لو استوفى من أحدهم القصاص فإنه لم يضمن للباقين شيئا ولا للقاتل ولو لم يكن جميع القصاص واجبا له لكان ضامنا باستيفاء الكل وهذا بخلاف ما إذا عفا أحدهم لان الواجب بعد العفو المال للباقين والمال يحتمل التجزئ فيظهر حكم التجزئ عند وجوب المال وهذا لأنا لو أثبتنا القصاص لا حدهما بعد عفو الآخر كان من ضرورته تعدد القصاص الواجب في المحل وهو غير متعدد في المحل فاما قبل العفو لو قلنا كل واحد منهم يكون متمكنا من استيفائه لا يكون من ضرورته مقدر القصاص في المحل وهذا بخلاف ما إذا كان أحدهما غائبا لان هناك جميع القصاص واجب للحاضر ولكن في استيفائه شبهة عفو موجود لجواز أن يكون الغائب عفا والحاضر لا يشعر به وعفو الغائب صحيح سواء علم بوجوبه أو لم يعلم ويحتمل أن يكون الغائب مات وورثه القاتل لسبب بينهما وان كنا لا نعرفه فلأجل الشبهة يمتنع الاستيفاء وهذا المعنى لا يوجد عند صغر بعض الورثة لان الصغير ليس من أهل العفو فإنما يتوهم عفوه بعد ما يبلغ وشبهة عفوه بتوهم اعتراضه لا تمنع استيفاء القصاص وهذا بخلاف ما إذا قتل عبدا مشتركا بين الصغير والكبير لان السبب هناك الملك وهو غير متكامل لكل واحد منهما فان ملك الرقبة يحتمل التجزئ ولهذا لم يكن لاحد الموليين في الأمة ولاية تزويجها بانفراده بخلاف ما نحن فيه فالسبب هناك القرابة وهو مما لا يحتمل التجزئ وكذلك هذا في قصاص كان واجبا للمورث لان كل واحد استحق جزء منه بعد موته بالنص وذكر الجزء فيما لا يحتمل الوصف بالتجزء كذكر الكل فيثبت لكل واحد منهم الكل باعتبار ان السبب لكل واحد منهم وهو القرابة كامل وهذا بخلاف المال فإنه لا يحتمل الوصف بالتجزء (ألا ترى) ان الكبير هناك يملك استيفاء نصيبه خاصة وفي هذا الموضع لا يتمكن من استيفاء بعض القصاص ثم عندهما الامام هو الولي في نصيب الصغير لأنه لا ولاية للأخ الكبير علي الصغير في نصيبه من المال فكذلك في القصاص وإنما الولاية
(١٧٦)