المباشرة لان القتل إنما حصل بفعله حين كان هو على الدابة التي وطئت فتجب عليه الكفارة وعلى عاقلته الدية وان نفحته برجلها وهي تسير فلا ضمان على الراكب لقوله عليه السلام الرجل جبار أي هدر والمراد نفحة الدابة بالرجل وهي تسير وهذا لأنه ليس في وسعه التحرز من ذلك لان وجه الراكب أمام الدابة لا خلفها وكذلك النفحة بالذنب ليس في وسعه التحرز عن ذلك وقال ابن أبي ليلى هو ضامن لجميع ذلك وقاس الذي يسير على الدابة بالذي أوقف دابته في الطريق فنفحت برجلها أو يدها فكما أن هناك يجب ضمان الدية على عاقلته فكذلك هنا ولكنا نقول في الفرق بينهما هو ممنوع من ايقاف الدابة على الطريق لان ذلك مضر بالمارة ولان الطريق ما أعد لايقاف الدواب فيه فيكون هو في شغل الطريق بما لم يعد الطريق له متعديا والمتعدي في التسبب يكون ضامنا فلهذا يسوى فيه بين ما يمكن التحرز عنه وبين مالا يمكن وهذا لأنه ان كأن لا يمكن التحرز عن النفحة بالرجل والذنب فهو يمكنه التحرز عن ايقاف الدابة بخلاف الأول فان السير على الدابة في الطريق مباح له لان الطريق معد لذلك ولأنه لا يضر بغيره وهو محتاج إلى ذلك فربما لا يقدر على المشي فيستعين بالسير على الدابة وإذا لم يكن نفس السير جناية قلنا لا يلزمه ضمان مالا يستطاع الامتناع منه (ألا ترى) ان الماشي في الطريق لا يكون ضامنا لما ليس في وسعه الامتناع منه بخلاف الجالس والنائم في الطريق ولو كدمت أو صدمت أو خبطت أو ضربت بيدها انسانا وهو يسير عليها فذلك كله مما يمكن التحرز عنه فيكون موجبا للدية على عاقلته بمنزلة ما لو وطئت إلا أن هذه الأسباب لا تلزمه الكفارة عندنا لان الكفارة جزاء مباشرة القتل فلا تجب بالتسبب علي ما نبينه وان ضربت بحافرها حصاة أو نواة أو حجرا أو شبه ذلك فأصاب انسانا وهي تسير فلا ضمان عليه لان هذا لا يمكن التحرز عنه فهو بمنزلة التراب والغبار المنبعث من سنابكها إذا فقأ عين انسان إلا أن يكون حجرا كبيرا فيضمن لان ذلك مما يستطاع الامتناع منه وإنما ينبعث الحجر الكبير بخرق منه في السير ولو راثت أو بالت في السير فعطب انسان بذلك لم يكن عليه ضمان لأنه لا يمكن التحرز عن ذلك قالوا وكذلك إذا وقفت لتبول أو لتروث لان من الدواب مالا يفعل ذلك حتى يقف فهذا مما لا يستطاع الامتناع عنه وكذلك اللعاب يخرج من فيها ولو وقع سرجها أو لجامها أو شئ محمول عليها من أداتها أو متاع الرجل الذي معه يحمله فأصاب انسانا في السير كان ضامنا لان هذا مما يمكن التحرز عنه وإنما سقط
(١٨٩)