المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٧٥
الشقة والخف والحافر ليس لأحد أن يمنع أحدا من ذلك لان الانتفاع بمثل هذه الأنهار كالانتفاع بالطرق العامة فكما لا يمنع أحد أحدا من التطرق في الطريق العام فكذلك لا يمنعه من الانتفاع بهذا النهر العظيم وهذا لأن الماء في هذه الأنهار على أصل الإباحة ليس لأحد فيه حق على الخصوص فان ذلك الموضع لا يدخل تحت قهر أحد لان قهر الماء يمنع قهر غيره فالانتفاع به كالانتفاع بالشمس ولكل قوم شرب أرضهم ونخلهم وشجرهم لا يحبس عن أحد دون أحد وان أراد رجل ان يكرى منه نهرا في أرضه فإن كان ذلك يضر بالنهر الأعظم لم يكن له ذلك وإن كان لا يضر به فله ذلك بمنزلة من أراد الجلوس في الطريق فإن كان لم يضر بالمارة لم يمنع من ذلك وإن كان يضربهم في المنع من التطرق يمنع من ذلك لكل واحد منعه من ذلك الامام وغيره في ذلك سواء فكذلك في النهر الأعظم فان كسر ضفة النهر الأعظم ربما يضر بالناس ضررا عاما من حيث أن الماء يفيض عليهم وقال عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وعند خوف الضرر يمنع من ذلك لدفع الضرر وعلى السلطان كراء هذا النهر الأعظم ان احتاج إلى الكراء لان ذلك من حاجة عامة المسلمين ومال بيت المال معد لذلك فإنه مال المسلمين أعد للصرف إلى مصالحهم (ألا ترى) أن مال القناطر والجسور والرباطات على الامام من مال بيت المال فكذا كراء هذا النهر الأعظم وكذلك اصلاح مسناته ان خاف منه غرقا فإن لم يكن في بيت المال مال فله أن يجبر المسلمين على ذلك ويحرجهم لان المنفعة فيه للعامة ففي تركه ضرر عام والامام نصب ناظرا فيثبت له ولاية الاجبار فيما كان الضرر فيه عاما لان العامة قل ما ينفقون على ذلك من غير اجبار وفى نظيره قال عمر رضى الله لو تركتم لبعتم أولادكم وليس هذا النهر خاص لقوم ليس لأحد أن يدخل عليهم فيه ولهم أن يمنعوا من أراد أن يسقى من نهرهم أرضه وشجره وزرعه لان ذلك شركة خاصة (ألا ترى) انهم يستحقون به الشفعة بخلاف الشركة في الوادي والأنهار العظام فإنه لا تستحق به الشفعة ثم في الشركة الخاصة التدبير في الكراء إليهم ومؤنة الكراء عليهم في مالهم وان طلب بعض الشركاء فللامام أن يجبر الباقين على ذلك لدفع الضرر فأما إذا اتفقوا على ترك الكراء ففي ظاهر الرواية لا يجبرهم الامام على ذلك كما لو امتنعوا من عمارة أراضيهم ودورهم وقال بعض المتأخرين من أصحابنا رحمهم الله يجبرهم على ذلك لحق أصحاب الشقة في النهر قال أبو يوسف وسألت أبا حنيفة رحمه الله عن الرجل استأجر النهر يصيد فيه السمك أو استأجر جهة يصيد
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195