من ذلك الموضع في غير ملك أحد يقول له اذهب إلى ذلك الموضع وخذ حاجتك من الماء لأنه لا يتضرر بذلك وإن كان لا يجد ذلك فاما أن يخرج الماء إليه أو يمكنه من أن يدخل فيأخذ بقدر حاجته لان له حق السعة في الماء الذي في حوضه عند الحاجة فأما إذا أحرز الماء في جب أو جرة أو قربة فهو مملوك له حتى يجوز بيعه فيه وليس لاحد أن يأخذ شيئا منه الا برضاه ولكن فيه شبهة الشركة من وجه ولهذا لا يجب القطع لسرقته وعلى هذا حكم الشركة في الكلأ في المواضع التي لا حق لاحد فيها بين الناس فيه شركة عامة فلا يكون لاحد أن يمنع أحدا من الانتفاع به فاما ما نبت من الكلأ في أرضه مما لم ينبته أحد فهو مشترك بين الناس أيضا حتى إذا أخذه انسان فليس لصاحب الأرض أن يسترده منه وإذا أراد أن يدخل أرضه ليأخذ ذلك فلصاحب الأرض أن يمنعه من الدخول في أرضه ولكن إن كان يجد ذلك في موضع آخر يأمره بالذهاب إلى ذلك الموضع وإن كان لا يجد وكان بحيث يخاف على ظهره فاما أن يخرج إليه مقدار حاجته أو يمكنه من أن يدخل أرضه فيأخذ مقدار حاجته فاما ما أنبته صاحب الأرض بان سقى أرضه وكربها لنبت الحشيش فيها لدوابه فهو أحق بذلك وليس لاحد أن ينتفع بشئ منه الا برضاه لأنه حصل بكسبه والكسب للمكتسب وهذا الجواب فيما لم ينبته صاحب الأرض من الحشيش دون الأشجار فاما في الأشجار فهو أحق بالأشجار النابتة في أرضه من غيره لان الأشجار تحرز عادة وقد صار محرزا له من يده الثابتة على أرضه فأما الحشيش فلا يحرز عادة وتفسير الحشيش ما تيسر على الأرض مما ليس له ساق والشجر ما ينبت على ساق وبيان ذلك في قوله تعالى والنجم والشجر يسجدان والنجم ما ينجم فتيسر على الأرض والشجر ما له ساق وبيان الشركة في النار ان من أوقد نارا في صخر لا حق لاحد فيه فلكل واحد أن ينتفع بناره من حيث الاصطلاء بها وتجفيف الثياب والعمل بضوءها فاما إذا أراد أن يأخذ من ذلك الجمر فليس له ذلك إذا منعه صاحب النار لان ذلك حطب أو فحم قد أحرزه الذي أوقد النار وإنما الشركة التي أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم في النار والنار جوهر الحر دون الحطب والفحم فان أخذ شيئا يسيرا من ذلك الجمر نظر فإن كان ذلك ما له قيمة إذا جعله صاحبه فحما كان له أن يسترده منه وإن كان يسيرا لا قيمة له فليس له أن يسترده منه وله منه أن يأخذه من غير استئذان لان الناس لا يمنعون هذا القدر عادة والمانع يكون متعنتا لا منتفعا وقد بينا ان المتعنت ممنوع
(١٦٥)