فاشترى بها خمرا أو خنزيرا أو ميتة ومدبرا أو مكاتبا وهو يعلم أولا يعلم فقبض ذلك ودفع الدراهم فهو ضامن للدراهم لان رب المال إنما أمره بشراء ما يتمكن من بيعه والربح لا يحصل الا بذلك وقد اشترى بها مالا يجوز بيعه فيه فلا ينفذ شراؤه على المضاربة وإنما يكون مشتريا لنفسه سواء علم بذلك أو لم يعلم وان نفذ فيه مال المضاربة فهو ضامن للخلاف ولو اشترى بالمضاربة عبدا شراء فاسدا أو اشترى بها دراهم أكثر منها أو أقل ودفع المال وقبض ما اشترى فلا ضمان عليه فيما دفع من مال المضاربة لأنه اشترى ما يملكه بالقبض ويجوز بيعه فيه فالمشترى شراء فاسدا يملك بالقبض فلا يمكن تضمينه بالخلاف لأنه لم يخالف والمضارب لا يضمن بالفساد كالوكيل ولو دفع إليه ألفا مضاربة وأمره ان يعمل في ذلك برأيه فاشترى بها عبدا يساوى خمسمائة فهو مخالف مشتر لنفسه ضامن للمال ان دفعه لأنه اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله والمضارب في الشراء كالوكيل والوكيل لا يملك ان يشترى بما لا يتغابن الناس فيه ولو اشترى العبد بألف درهم وهو يساوى تسعمائة وخمسين جاز على المضاربة لان قدر الخمسين في الألف مما يتغابن الناس في مثله وذلك عفو في حق الوكيل بالشراء ولو اشترى بها عبدا يساوى ألفا ثم باعه بمائة درهم جاز في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله لأنه فيما يبيع بمنزلة الوكيل بالبيع ومن أصله ان الوكيل بالبيع يملك البيع بغبن فاحش وقد بينا هذا الفرق له في كتاب الوكالة ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة على أن يشترى بها الثياب ويقطعها بيده ويخيطها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شئ فهو بينهما نصفان فهو جائز على ما اشترطا لان العمل المشروط عليه مما يصنعه التجار على قصد تحصيل الربح فهو كالبيع والشراء وكذلك لو قال له على أن يشترى بها الجلود والادم ويخرزها خفافا ودلاء وروايا وأجربة فكل هذا من صنع التجار على قصد تحصيل الربح فيجوز شرطه على المضاربة ولو دفع إليه مالا مضاربة على أنهما شريكان في الربح ولم يسم نصفا ولا غيره فهو جائز وللمضارب نصف الربح لان مطلق الشركة يقتضى التسوية قال الله عز وجل فهم شركاء في الثلث ولو قال على أن للمضارب شركا في الربح فكذلك في قول أبى يوسف رحمه الله إذ لا فرق بين الشرك والشركة في اقتضاء ظاهر اللفظ التسوية وقال محمد رحمه الله هذه مضاربة فاسدة لأنه بمعنى النصيب قال الله تعالى أم لهم شرك في السماوات فكأنه قال على أن للمضارب نصيبا وذلك مجهول * توضيحه ان الشركة التي تقتضي التسوية ما يكون مضافا إلى الشريكين كما في قوله على أيهما
(٥٤)