البز فليس له أن يشترى به من ثياب الخز والحرير والطيالسة والأكسية شيئا وإنما يشترى ثياب القطن والكتان فقط لان البزاز في عرف الناس من يبع ثياب القطن والكتان لا من يبيع الخز والحرير وهذا شئ مبناه على عرف الناس ليس من فقه الشريعة في شئ وإنما يعتبر فيه ما هو معروف عند الناس في كل موضع وإذا باع المضارب عبدا من المضاربة ثم قبله بعيب يحدث مثله باقرار أو غيره بحكم أو إقالة فهو سواء وهو على المضاربة بخلاف الوكيل بالبيع لان الوكيل بالبيع لا يملك الشراء للموكل ابتداء والمضارب يملك الشراء كما يملك البيع فقبوله بهذه الوجوه لا يكون فوق شرائه ابتداء فيجوز على المضاربة ولو أنكر المضارب العيب ثم صالحه منه على أن زاده مع العبد دينارا أو ثوبا أو نحو ذلك من المضاربة فهو جائز على رب المال إن كان مثل ذلك العيب أو أكثر مما يتغابن الناس فيه وإن كان أكثر مما لا يتغابن الناس فيه أبطلته لان الصلح عن العيب على مثل هذا متعارف بين التجار والمضارب يملك ما هو من صنع التجار فاما الصلح على أكثر من حصة العيب مما لا يتغابن الناس فيه فليس من صنع التجار بل هو كالبر المبتدأ ثم هو مأمور بالصلح لاصلاح مال المضاربة لا لافساد المال وفي الصلح على مثل حصة العيب أو زيادة يسيرة اصلاح فاما في الصلح على أكثر منه مما لا يتغابن الناس فيه فافساد به ولو اشترى المضارب بألف المضاربة من ولده أو والديه أو مكاتبه أو عبده وعليه دين يساوى ألف درهم فهو جائز على المضاربة وإن كان يساوى أقل منه مما يتغابن الناس فيه فهو مشتر لنفسه في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله هو جائز على المضاربة الا ما اشترى من عبده أو مكاتبه فان قولهما في ذلك مثل قول أبي حنيفة رحمه الله وقد أطلق في الوكيل جواب هذه المسألة في كتاب البيوع ولم يفصل بين الشراء بمثل القيمة وبين الشراء بغبن يسير ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول تقسيمه هنا تقسيم في الوكيل والخلاف في الفصلين في الشراء بغبن يسير فاما الشراء بمثل القيمة فجائز لان أبا حنيفة رحمه الله يعتبر التهمة وذلك أنما يظهر عند الشراء بغبن يسير وفي حق الأجنبي ليس بينهما سبب موجب التهمة فيحمل شراؤه بغبن يسير على أنه خفى عليه ذلك وفي حق الآباء والأولاد بينهما سبب التهمة فيحمل ذلك على الميل إليه وايثاره على الموكل كما في الشهادة فاما في الشراء بمثل القيمة فلا يتمكن معنى التهمة ومنهم من قال بل هذا التقسيم في المضارب فاما الوكيل فلا يملك الشراء من هؤلاء لموكله بمثل القيمة والفرق بينهما لأبي حنيفة رحمه الله
(٥٧)