الصندوق ولفلان على ألف درهم فلم يوجد في الصندوق شئ كان ما تركه المضارب بين رب المال والغريم بالحصص لأنه حين لم يوجد في الصندوق شئ فقد ظهر أن تعيينه كان لغوا بقي اقراره بمضاربة غير معينة وبالدين ولو وجد في الصندوق ألف كان رب المال أحق بها لان تعيينه كان صحيحا فان التعيين وجد منه قبل الاقرار بالدين فكأنه أقر ابتداء بالمضاربة بعينها . فان قيل كان ينبغي أن يقال إذا لم يوجد في الصندوق شئ أن لا يكون لرب المال شئ لفوات محل حقه. قلنا هذا ان لو صح تعيينه مع فراغ الصندوق عنه ولم يصح ذلك بل هو تجهيل منه والمضارب بالتجهيل ضامن وقال في المضاربة الصغيرة إذا لم يشهد الشهود ان هذه الألف كانت في الصندوق يوم أقر جعلناها بين الغرماء ورب المال بالحصص والقياس ما قاله ثمة لان الموجود من المضارب تعيين الصندوق ولم يوجد منه تعيين مال المضاربة إذا لم يعلم أن الألف كانت في الصندوق يومئذ وطريق العلم به شهادة الشهود وما ذكر هنا استحسان لان الصندوق محل لما فيه من المال فتعيينه كتعيين المال فلهذا كان رب المال أحق بها ولو وجد في الصندوق ألفان فلرب المال منها خاصة والباقي بين الغرماء لان تعيينه صحيح لما وجد في الصندوق من جنس حق رب المال مقدار حقه وزيادة وسواء كانت الألفان مختلطة أو غير مختلطة لان المضارب أمين في مال المضاربة واختلاط الأمانة بمال الأمين من غير صنعه لا يكون موجبا للضمان فان علم أن المضارب هو الذي خلط المال بغير أمر رب المال كان المال كله بينهم بالحصص في قول أبي حنيفة وفى قول أبى يوسف ومحمد نصفه لرب المال ونصفه للغرماء وهو بناء على ما تقدم بيانه أن الأمين إذا خلط الوديعة بمال نفسه صار مستهلكا للمخلوط وصارت الأمانة دينا عليه عند أبي حنيفة رحمه الله فيكون رب المال صاحب دين كغيره من الغرماء وأما عندهما فبالخلط يصير ضامنا ولكن لا يصير متملكا فلرب المال ان يرضى بالخلط ويختار المشاركة فيأخذ نصف المخلوط برأس ماله ونصفه للغرماء ولو قال لفلان عندي ألف درهم مضاربة وهي التي على فلان ولفلان على ألف درهم ولا مال له غيره فذلك الدين لرب المال لان تعيينه للمضاربة التي على غير كتعيينه ألفا في صندوق أو في كيسه أو بيته فإذا حصل ذلك قيل الاقرار بالدين اختص رب المال به وان جحد المضارب المضاربة في صحة أو مرض ثم أقر بها فهي دين في ماله لان الاقرار بعد الانكار صحيح ولكن الأمين بالجحود يصير ضامنا فاقراره بعد ذلك كالاقرار بالدين وكذلك لو جحد شيئا من الربح ثم أقر
(١٤٣)