ثم قال لم يصل إلى ضمن ما جحد من الربح وإن كان دينا قال عيسى رحمه الله هذا غلط وان جحد الدين لم يضمنه حتى يقبضه على الجحود لان الجحود إنما يكون موجبا للضمان عليه باعتبار ان المال في يده وانه متملك له مستول عليه بهذا الجحود وهذا لا يتحقق فيما هو دين على الغير ما لم يقبضه فان قبضه على الجحود فهو ضامن وان رجع إلى الاقرار ثم قبضه فلا ضمان عليه وقيل يحتمل أن مراد محمد رحمه الله قوله لرب المال لك ثلث الربح ولى ثلثاه ليس باقرار وفى المختصر للكافي قال ليس اقراره بأن له النصف وقيل في تأويله أنه أقر له بالثلث ثم بالنصف بعد ذلك فيكون مقرا بالسدس بعد الجحود فيجب عليه الضمان وذكر القاضي أبو عاصم في شرحه فقال جحوده الربح اقرار بابراء الغريم ولو صرح بالابراء فإنه يضمن الربح وإن لم يصل إلى يده كذلك هذا باقرار بان له النصف فيكون ضامنا ثم سلم بما سلم من ذلك على ذلك والأصح أن يقول حق القبض فيما وجب بمعاملته له خاصة فكونه في ذمة الغريم وكونه في يده سواء في أنه صار متملكا مقدار ما جحده متويا حق رب المال فيه فكان قبضه على الجحود وعلى الاقرار بعد الجحود في ايجاب الضمان عليه لأجل الاقرار سواء وإذا دفع إلى رجلين مالا مضاربة فمات أحدهما وقال الآخر هلك المال صدق في نصيبه لكونه أمينا فيه وكان نصيب الآخر دينا في تركته لأنه مات مجهلا لنصيبه فان علم أن الميت كان أودع نصيبه صاحبه الحي فقال الحي قد هلك فهو مصدق على جميعه لان المضارب يملك الايداع فقول مودعه قد هلك بمنزلة قول المضارب في حياته انه قد هلك وان قال قد دفعت ذلك إلى صاحبي كان مصدقا مع يمينه لكونه أمينا فيه وكان ذلك دينا في مال صاحبه لان صاحبه مات مجهلا فإنه إن ثبت وصوله إليه فلا اشكال وإن لم يثبت وصوله إليه من يد الحي فالحي كان مسلطا من جهته على الرد وإنما قبل قوله في ذلك لأجل التسليط فيكون المضارب الميت مجهلا له على كل حال فكان ذلك دينا في تركته وإذا ربح المضارب في المال ربحا فأقر به وبرأس المال ثم قال قد خلطت مال المضاربة بمالي قبل أن أعمل وأربح لم يصدق لان الربح صار مستحقا لرب المال فهو بهذه المقالة يبطل استحقاقه ويدعى ملك جميع الربح لنفسه بالخلاف الحاصل منه بالخلط فلا يقبل قوله الا بحجة ولان الربح نماء المال فيكون ملكا لصاحب المال باعتبار الظاهر فلا يستحقه غيره الا بالشرط (ألا ترى) أن المضارب لو ادعى زيادة فيما شرط له من الربح لم يقبل قوله فيه الا بحجة فإذا ادعى سببا يملك به جميع الربح
(١٤٤)