والوضيعة بينهما نصفان لان نصف المال ملكه فقد قبضه بجهة القرض والنصف الآخر بضاعة في يده فقد قبضه على أن يعمل فيه لصاحبه ولو دفعها إليه على أن نصفها مضاربة بالنصف ونصفها هبة للمضارب وقبضها المضارب غير مقسومة فهي هبة فاسدة لأنه هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وبهذا تبين أن الصحيح من المذهب أن هبة المشاع بعد اتصال القبض بها فاسدة بخلاف ما ظنه بعض المتأخرين رحمهم الله انها تكون بمنزلة الهبة قبل القبض ولكن الصحيح انها فاسدة لان القبض الموجب للملك قد وجد مع الشيوع (ألا ترى) أن هذا القبض فيما لا يحتمل القسمة يوجب الملك لكن شرط صحته القسمة فلانعدام شرط الصحة تكون الهبة فاسدة والمقبوض بحكمها مملوك للموهوب له وهو مستحق الرد عليه للفساد فلهذا كان مضمونا عليه بخلاف المقبوض بهبة صحيحة فان هلك المال في يده قبل العمل أو بعده ضمن نصفه لهذا المعنى فان ربح في المال كان نصف الربح حصة الهبة للمضارب والنصف الآخر على ما اشتر طا في المضاربة بينهما فان وضع فالوضيعة عليهما نصفين لان نصف المال مملوك للمتصرف فله ربح ذلك النصف وعليه وضيعته والنصف الآخر مضاربة في يده ولو دفعها إليه على أن نصفها بضاعة ونصفها مضاربة بالنصف فهو كما قال لان الشيوع لا يمنع صحة دفع المال مضاربة ولا صحة دفعه بضاعة ولو دفعها إليه على أن نصفها وديعة في يد المضارب ونصفها مضاربة بالنصف فذلك جائز على ما سمى لأنه لا منافاة بينهما فمال المضاربة أمانة في يد المضارب كالوديعة فان تصرف في جميع المال كان ضامنا للنصف حصة الوديعة لأنه خالف بالتصرف فيه وربح ذلك النصف له وعليه وضيعته وان قسم المضارب المال نصفين ثم عمل بأحد النصفين على المضاربة فربح أو وضع فالوضيعة عليه وعلى رب المال نصفين لأنه لا ينفرد بالقسمة فالنصف الذي تصرف فيه من النصفين جميعا نصفه مما كان مضاربة في يده ونصفه كان وديعة فله ربح حصة الوديعة من ذلك وعليه وضيعته لأنه صار مخالفا ضامنا والبعض في هذا الحكم معتبر بالكل نقول فان أراد أن يشترى بالمضاربة ولا يضمن اشترى بنصف الألف غير مقسوم وكان البائع شريكا في الألف حتى يحضر رب المال فيقاسمه ومراده أن يشترى بنصفه ويسلمه على سبيل الشيوع لأن الضمان في الوجه الأول إنما كان يلزمه بالتسليم لا بنفس الشراء فطلب السلامة في هذا الموضع من الضمان الذي كان يلحقه في الوجه الأول ثم قد صار نصف المال شائعا مملوكا للبائع ونصفه وديعة في يد المضارب والمودع لا يملك
(١٣٨)