حتى إذا كان يمكنه من التقدم إلى القاضي في أكثر من ثلاثة أيام جاز ذلك على أكثر من ثلاثة أيام وهذا عندهم جميعا لان المعتبر توفير النظر على المدعى وإذا كانت الدعوى في شئ بعينه فخفت أن يغيبها المطلوب وكانت غير معينة وضعتها على يدي عدل ولم أجعل لذلك وقتا وجعلته بمنزلة الكفالة لان في التعديل هنا معنى النظر للمدعى وليس فيه كثير ضرر على المدعى وقد بينا انه يأخذ كفيلا بتلك العين ولكن المقصود ربما لا يتم بأخذ الكفيل بأن يغيبها الخصم ولم يعرف الشهود أوصافها فلا يتمكنون من أداء الشهادة فإن كان ذلك مما يعرفه الشهود أو مما لا يمكن تعيينه أصلا لم يصفه على يدي عدل لان النظر يتم بأخذ الكفيل بمحضر من ذلك الشئ وأما العقار فليس فيه كفالة ولا يوضع على يدي عدل حتى يقيم البينة لان تعيينه غير ممكن ولا حاجة إلى احضارها لإقامة البينة وإنما إقامة البينة بذكر الحدود فان قامت بينة وكانت أرضا فيها نخيل تمر فلا بد من أن يوضع هذا على يدي عدل إذا خيف على المطلوب استهلاكه لأنه لما أقام البينة فقد ثبت حقه من حيث الظاهر (ألا ترى) انه لو قضى القاضي له قبل أن تظهر عدالة الشهود بعد قضائه فمن تمام النظر له أن يوضع على يدي عدل لكيلا يتمكن المطلوب من استهلاكه ويؤخذ الكفيل في دعوى الدين وفى العتق والطلاق وجميع أجناس حقوق العباد مما لا يندرئ بالشبهات وإذا ادعى المدعى ألف درهم وقال سله أيقر بمالي أو ينكره فإنه ينبغي للقاضي أن يسأله عن ذلك ليعلم المدعى انه بماذا يعامله الناس فان أنكر قال للمدعى أحضر بينتك وإن لم يقر ولم ينكر قال للمدعى أحضر البينة لان الساكت بمنزلة المنكر وإن لم يكن للمدعى بينة وطلب يمينه فإن كان أنكر استحلفه القاضي له وإن لم يقر ولم ينكر فقد روى عن أبي حنيفة رحمه الله أن القاضي لا يستحلفه ولكن يحبسه ليتجنب خصمه لان الاستحلاف لترجح جانب الصدق في انكار المدعى عليه فلا معنى للاشتغال به قبل أن كاره وعن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أن القاضي يستحلفه لان سكوته قائم مقام الانكار شرعا حتى يقبل عليه البينة بعد سكوته فكذلك يعرض اليمين على الساكت حتى يقضى عليه بالنكول لحق المدعى ولا ينبغي للقاضي أن يحبسه حتى يقر أو ينكر ولا يجبره على ذلك لأنه ما ثبت عليه شئ بمجرد سكوته فلا يعاقبه بالحبس والمقصود حاصل من غير أن يجبره على الانكار لان سكوته قائم مقام انكاره فان المنكر ممتنع والساكت كذلك وان قال المطلوب للقاضي سل الطالب من أي وجه يدعى على هذا المال سأله من غير أن يجبره على ذلك فان
(٧٨)