جائز وقد بينا أن الصلح على الانكار مبنى على زعم المدعي وان من أصل أبى يوسف رحمه الله انه إذا أمكن تصحيح الصلح بوجه ما يجب تصحيحه لقطع المنازعة بخلاف ما إذا صالحه على صوف على ظهر شاة أخرى ولو صالحه على ألبانها التي في ضروعها أو على ما في بطونها من الولد فهو باطل أما عند محمد رحمه الله فلان هذا بمنزلة البيع وأما عند أبي يوسف رحمه الله فلانه إنما يمكن تصحيح هذا الصلح بطريق ابقاء ملكه في بعض العين واللبن في الضرع والولد في البطن ليس بعين مال متقوم ووجوده على خطر فربما يكون انتفاخ البطن والضرع بالريح بخلاف الصوف على ظهر الغنم فهو مال متعين متقوم مملوك فتصحيح الصلح بطريق ابقاء الملك فيه ممكن ولو ادعى في أجمة في يدي رجل حقا فصالحه على أن يسلم صيدها للمدعي سنة فهذا فاسد لأنه مجهول ووجوده على خطر وكذلك لو صالحه على ما فيها من الصيد إذا كان ذلك لا يوجد الا بصيد وإن كان محظورا لأنه غير مملوك لاحد وبيعه لا يجوز لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ضرية القانص ونهى عمر وابن مسعود رضي الله عنهما عن بيع السمك في الماء وإذا كان الصيد محظورا وهو يؤخذ بغير صيد كان الصلح جائزا وله الخيار إذا رآه بمنزلة البيع وقيل تأويله إذا أخذتم السمك في الماء أو دخل الأجمة مع الماء ثم منع من الخروج بسد فوهة الأجمة فيكون ذلك بمنزلة الاخذ الموجب للملك ولكنه غير مرئى فأما إذا دخل الأجمة مع الماء ولم بسد فوهة الأجمة فلا يجوز بيعه لأنه لم يصر مملوكا لصاحب الأجمة بالدخول في أجمته ما لم يأخذه. ولو ادعى في عبد دعوى فصالحه من ذلك على مخاتيم دقيق معلومة من دقيق هذه الحنطة أو على أرطال من لحم شاة حية لم يجز لأنه لا يجوز بيع شئ من ذلك اما لأنه معدوم في الحال أو لأنه يحتاج في تسليمه إلى بضع البنية وذلك مانع من جواز العقد وكذلك لو صالحه على عبد آبق فان الآبق لا يجوز بيعه لان ماليته تاوية بالإباق وهو غير مقدور التسليم فكذلك الصلح عليه ولو ادعى قبل رجل مائة درهم وكر حنطة سلما فصالحه من ذلك على عشرين دينارا لم يجز إذا كان رأس المال دراهم لان في حصة الحنطة هنا استبدال بالمسلم فيه فيبطل لقوله صلى الله عليه وسلم لا تأخذ الا سلمك أو رأس مالك والعقد صفقة واحدة فإذا بطل بعضه بطل كله عند أبي حنيفة رحمه الله ظاهر وأما عندهما فالصلح كذلك وقد بيناه في الكتاب وهذا لان مبنى الصلح على الحط والاغماض والتجوز بدون الحق وربما يكون ذلك في البعض دون البعض فبعد ما بطل في البعض لا يمكن تصحيحه
(١٦٧)