لو صالحه على دراهم مسماة إلى الحصاد وما أشبهه لان الصلح فيما يقع عليه الصلح كالبيع واشتراط هذه الآجال المجهولة مفسد للبيع ولو ادعى رجل في عبد رجل دعوى فصالحه على غلته شهرا فهذا فاسد بخلاف ما إذا صالحه على خدمته شهرا لان الخدمة معلومة ببيان المدة وهي مقدورة التسليم لصاحب العبد فأما الغلة فمجهولة المقدار في نفسها غير مقدورة التسليم لصاحب العبد لأنه ما لم يؤاجره من غيره لا تحصل الغلة له وذلك لا يتم به وحده وبعد ما أجره لا تجب الغلة الا بسلامة العبد في الشهر ولعله يمرض أو يموت فلهذا بطل الصلح وكذلك الصلح على غلة الدار وثمرة النخل فاسد لأنه مجهول وهو على خطر الوجود بخلاف الوصية فإنها أخت الميراث فمثل هذه الجهالة لا تمنع صحتها أما الصلح فهو بمنزلة البيع والإجارة فيما يقع الصلح عليه ومثل هذه الجهالة تمنع الاستحقاق بالبيع والإجارة وعلى هذا لو صالح من دعواه على شرب يوم من هذا النهر في الشهر من غير أن يكون له حق في رقبته فإنه لا يجوز والوصية بمثله تجوز لما قلنا. ولو ادعى قبل رجل ألف درهم دينا فصالحه منها على عشرة دنانير إلى أجل لم يجز مقرا كان أو جاحدا أما إذا كان مقرا فلان هذا صرف بالنسيئة وكذلك لو صالحه منها على طعام موصوف مؤجل أو غير مؤجل وفارقه قبل القبض فهو باطل لأنه دين بدين والدين بعد المجلس حرام لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ وكذلك لو صالحه من غيره فهو في هذا المعنى وصلح المدعي عليه سواء ولو ادعى عليه ألف درهم سودا فصالحه منها بعد الانكار على ألف درهم بخية إلى سنة لم يجز لان البخية لها فضل فالبخية الجياد التي هي نقد بيت المال سميت بذلك لأنه يقال لمن يتملكها بخ بخ ثم جعل هذا الفضل عوضا عن الاجل ومعاوضة المال بالأجل لا يجوز وفى نظيره نزل قوله تعالى لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ولو ادعى عليه بخية فصالحه على سود مثلها أو أقل حالا أو موجلا فهو جائز لان صاحب الحق هو المحسن إليه من كل وجه حيث أبرأه عن فضل الجودة ولو أبرأه عن بعض المقدار وأجله فيما بقي جاز أيضا وإذا كان الاحسان كله من جهته لا يتحقق معنى المعاوضة بينهما ولو باع عبدا بألف درهم سود ثم صالحه على ألف ومائة نبهرجة أو زيوف حالة أو إلى أجل كان ذلك باطلا لان ما شرط من زيادة القدر عوض عن الاجل أو عن صفة الجودة فان الزيوف دون السود في الجودة ومثل هذه المعاوضة ربا شرعا وكذلك لو صالحه منها على شئ مما يكال أو يوزن بغير عينه لم يجز لان المكيل
(١٦٥)