المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٤٦
أبي حنيفة الثلث كثير فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد رضى الله تعالى عنه والثلث كثير فإذا وجد الثلث زيوفا فرده يبطل العقد بقدره ووجه هذه الرواية ان قلة الشئ وكثرته تتبين بالمقابلة فان العشرة بمقابلة الدرهم كثيرة وبمقابلة المائة قليلة فإذا كانت الزيوف دون النصف قلنا إذا قوبلت الزيوف بالجياد فالزيوف قليلة وان كانت أكثر من النصف فهي كثيرة عند المقابلة بالجياد فإذا كان النصف سواء ففي رواية كتاب البيوع قال هذا كثير لا يقابله ما هو أكثر منه لتتبين قلته بالمقابلة وفى كتاب الصرف قال الشرط كثرة المردود ولا تتبين كثرته إذا لم يكن ما يقابله أقل منه وقد كان العقد صحيحا في الكل فلا تنتقض بالشك وكذلك حكم الصرف في جميع ما ذكرنا. قال (رجل أسلم إلي رجل في طعام وأخذ منه كفيلا بالمسلم فيه ثم صالح الكفيل علي رأس ماله وذلك دين) فالصلح موقوف علي إجازة المسلم إليه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فان اختار رد رأس المال جاز وان رد الصلح بطل واسترد الكفيل دراهمه وطالب رب السلم بطعام السلم أيهما شاء وعند أبي يوسف الصلح جائز بين الكفيل ورب السلم ويرجع الكفيل على المسلم إليه بطعام السلم وهذا إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير فإن كان رأس المال عروضا لا يجوز الصلح بالاتفاق لأنه إذا كان رأس المال ثوبا فاما ان يصح الصلح عن ذلك الثوب بعينه وهو باطل لأنه ملك المسلم إليه فلا يكون الكفيل قادرا علي تسليمه واما أن يصح علي ثوب غيره وهو باطل أيضا لأنه يكون استبدالا برأس المال وكذلك الصلح على قيمة ذلك الثوب يكون استبدالا فلا يجوز فاما إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير فالخلاف فيه يتحقق وجه قول أبى يوسف وهو أن صلح الكفيل عن المسلم فيه على رأس المال كالصلح عن سائر الديون على أي بدل كان بدليل جواز ذلك من الأصل ثم الكفيل في سائر الديون لو صالح على بدل جاز صلحه ورجع علي المكفول عنه بما كفل عنه فكذلك الكفيل بالسلم إذا صالح على رأس المال وهذا لان الكفيل مطلوب بالمسلم فيه كالأصيل إذا كان قادرا علي تسليم رأس المال إليه وبهذا فارق ما لو كان رأس المال عينا في يد المسلم إليه لان الكفيل لا يقدر على تسليمه ولو صالح علي قيمته كان مستبدلا لا مستردا لرأس المال ولا يقال في هذا الصلح تمليك طعام السلم من الكفيل لان تمليك الدين من غير من عليه الدين في سائر الديون لا يجوز الصلح أيضا ثم جاز الصلح مع الكفيل في سائر الديون عرفنا انه ليس بتمليك الدين ولكن يعقد الكفالة كما وجب للطالب على الكفيل
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست