وجب للكفيل على الأصيل إلا أنه مؤخر إلى أن يسقط مطالبة عن الأصيل وقد سقط ذلك بصلحه على رأس المال كما يسقط بايفائه فلهذا كان له أن يرجع على المسلم إليه بطعام السلم وجه قولهما أن الصلح عن المسلم فيه على رأس المال فسخ للعقد بدليل أنه يختص برأس المال وأنه يصح بلفظ المتاركة والإقالة فإنه لو لم يكن فسخا كان هذا استبدالا لبقاء العقد الموجب لطعام السلم والاستبدال بالمسلم فيه قبل القبض لا يجوز والكفيل أجنبي من العقد فلا يملك الفسخ كسائر الأجانب والكفيل بالثمن في البيع وهذا لان الفسخ تصرف في العقد فلا يجوز من العاقد أو ممن قام مقام العاقد أو ممن كان وقع العقد له والكفيل بهذه الصفة وإنما التزم ما التزمه من الكفالة فلا يصير به في حكم العاقد للسلم بخلاف المسلم إليه فإنه عاقد فيجوز صلحه بطريق الفسخ والدليل على الفرق ان رب السلم إذا زاد للمسلم إليه درهما جاز ولو زاد الكفيل في رأس المال درهما كان باطلا وبه فارق سائر الديون فأصلح هناك ليس بتصرف في السبب الموجب للفسخ وإنما هو تصرف في الدين الواجب ولهذا جاز بأي بدل كان والكفيل مطلوب بالدين كالأصيل ولهذا جاز الصلح معه. قال (وإذا أسلم الرجلان إلى رجل في طعام فصالحه أحدهما على رأس ماله فالصلح موقوف) عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله فان أجازه الآخر جاز وكان المقبوض من رأس المال مشتركا بينهما وما بقي ما طعام السلم مشتركا بينهما وإن لم يجزه فالصلح باطل وعند أبي يوسف الصلح جائز بين المصالح والمسلم إليه لما قلنا في المسألة الأولى ان الصلح عن المسلم فيه على رأس المال كالصلح عن سائر الديون علي أي بدل كان عنده ثم أخذ رب الدين إذا صالح عن نصيبه مع المديون على بدل جاز الصلح ويخير الآخر بين أن يشاركه في المقبوض وبين أن يرجع على المديون بنصيبه من الدين كذلك هنا إذا صالح على رأس المال ولان أكثر ما فيه أن هذا فسخ العقد ولكل واحد من المتعاقدين حق التفرد بالفسخ في نصيب نفسه كما في بيع العين لو اشترى رجلان عينا ثم أقال أحدهما البيع في نصيبه مع البائع جاز بدون رضي الآخر فهذا مثله وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قال في هذا الصلح قسمه الدين قبل القبض وذلك لا يجوز بيانه أنه إن كان صلحه عن نفسه خاصة فلا يتحقق ذلك الا بأن يتميز نصيبه عن نصيب صاحبه وهذا هو القسمة وإن كان صالحه عن النصف من النصيبين جميعا فلا يمكن تصحيحه بدون إجازة الآخر لتناوله نصيبه وفقه هذا الكلام أن وجوب المسلم فيه بعقدهما
(١٤٧)