حتى صار دينا عليه لم يصح العقد باسقاط الخيار ذكره في الجامع لان ابتداء العقد برأس مال هو دين لا يجوز فكذلك إتمامه باسقاط الخيار. قال (وإذا أسلم إليه عشرة دراهم أو ثوبا أو عبدا في طعام ثم افترقا قبل قبض رأس المال لم يجز السلم) وقال مالك يجوز وإن لم يقبض رأس المال يوما أو يومين بعد أن لا يكون جلا بمنزلة الثمن في البيع فإنه لا يشترط قبضه في المجلس الا ان هنا الشرط أن يكون حالا لان ما يقابله مؤجل والنسيئة بالنسيئة حرام ولا تنعدم صفة الحلول بترك القبض فيه يوما أو يومين ولكنا نقول السلم أخذ عاجل بآجل فيشترط كون أحد البدلين فيه معجلا كما يشترط أن يكون الآخر مؤجلا ليتوفر على هذا العقد مقتضاه والتعجيل إنما بحصل بالقبض في المجلس فكان ينبغي أن يشترط اقتران القبض بالعقد فإنه أتم ما يكون من التعجيل ولكن الشرع جعل ساعات المجلس كحالة العقد تيسيرا كما في عقد الصرف ثم إن كان رأس المال دينا فالعقد يبطل بالافتراق قبل قبض رأس المال قياسا واستحسانا لأنه دين بدين وإن كان رأس المال عينا ففي القياس لا يبطل العقد لأنهما افترقا عن عين بدين وذلك جائز كبيع العين بثمن مؤجل ولكنه استحسن لمراعات اسم هذا العقد ولأن جواز عقد السلم لحاجة المسلم إليه وإنما يتوفر عليه حاجته إذا وصل رأس المال إليه فيشترط وصوله إلى يده مقرونا بالعقد ثم حالة المجلس جعلت كحالة العقد فلهذا يفسد بترك قبض رأس المال في المجلس وإن كان عينا وان قبض الدارهم ثم افترقا فوجدها زيوفا فإنه يردها وينتقض السلم اما إذا تجوز بها جاز العقد لان الزيوف من جنس الدراهم ولكن فيه عيب ووجود العيب في الشئ لا يجعله في حكم جنس آخر ثم الزيوف ما زيفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار ولتبهرجة ما تبهرجه التجار وربما تسامح فيه بعضهم وربما يأباه بعضهم لغش فيه وبهذا لا يخرج من أن يكون من جنس الدراهم فقابضه يكون مستوفيا لحقه فإذا تجوز به تجوز بخلاف ماذا وجد المقبوض ستوقه أو رصاصا فان ذلك ليس من جنس الدراهم فان الستوقة فلس مموه بالفضة ومعناه من طاقه و الرصاص ليس من جنس الدراهم فلا يصير بقبضه مستوفيا لرأس المال فإذا تجوز بها كان مستبدلا لا مستوفيا والاستبدال برأس المال قبل القبض لا يجوز فاما إذا رده في القياس ينتقص السلم سواء استبدل في مجلس الرد أو لم يستدل وصار الكل زيوفا أو البعض وهو قول زفر لان الرد بعيب الزيافة ينقض القبض من الأصل بدليل أنه يرجع بموجب العقد وهو الجياد والعقد لا يوجب القبض
(١٤٤)