المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٥
على تسليم المعقود عليه شرط لجواز العقد كما في بيع العين وهذا لان الملتزم للتسليم هو العاقد فيشترط قدرته على التسليم ولا يوجد ذلك إذا كان المسلم فيه معدوما في الحال لان العاقد لا يقدر على تسليمه الا بايصال حياته وأن ذلك الشئ وايصال حياته بأوان الوجود موهوم وبالموهوم لا تثبت القدرة على التسليم فان قيل حياته معلومة في الحال والأصل بقاؤه حيا إلى ذلك الوقت وإنما الموت موهوم قبله قلنا نعم ولكن بقاؤه حيا إلى ذلك الوقت باستصحاب الحال فيكون معتبرا في ابقاء ماله على ملكه لا في توريثه من مورثه فبهذا الطريق لا تثبت قدرته على التسليم إلا أن يكون موجودا في الحال حتى تكون حياته متصلة بأوان ذلك الشئ ثم عجزه بالموت أو بآخر التسليم إلى أن ينقطع موهوم فلا يعتبر ذلك في افساد العقد يقرره ان ما بعد العقد بمنزلة حالة المحل لان زمان المحل وقت وجوب التسليم بشرط بقائه حيا إلى ذلك الوقت وذلك موهوم وما بعد العقد وقت وجوب التسليم يشترط موته وذلك موهوم أيضا فاستويا من هذا الوجه ثم يشترط الوجود وقت المحل بالاتفاق فلذلك يشترط الوجود من وقت العقد إلى وقت المحل بخلاف ما وراء المحل لان ذلك ليس بزمان وجوب التسليم ابتداء وإنما هو زمان بقاء ما وجب من التسليم ولا يعتبر في حالة البقاء ما يعتبر في حالة الابتداء كخلو المحل عن الردة والعدة في النكاح والشهود تعتبر عند ابتداء العقد لا عند البقاء واعتبار الزمان بالمكان ساقط لأنه يتحقق نقله من مكان إلى مكان فبانعدامه في مكان العقد لا تنعدم القدرة على التسليم ولا يتحقق نقله من زمان إلي زمان فتنعدم القدرة على التسليم لعدم الوجود في زمان العقد الا ترى أنه لا يشترط وجوده في المكان الذي جعلاه محل التسليم ويشترط وجوده في زمان المحل وما افترقا الا لما قلنا وإذا كان المسلم فيه موجودا من وقت العقد إلي وقت المحل ثم لم يأخذه بعد محل الاجل حتى أنقطع فرب السلم بالخيار ان شاء أخذ رأس المال وان شاء صبر حتى يجيئ حينه فيأخذ ما أسلم فيه عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وقال زفر يبطل العقد ويسترد رأس المال لان الانقطاع من أيدي الناس في العجز عن تسليم الدين بمنزلة هلاك العين في العجز عن التسليم ولو هلك المبيع في بيع العين قبل التسليم بطل به البيع فكذلك إذا انقطعت من أيدي الناس وقاس بما لو اشترى بفلوس شيئا فكسدت قبل القبض يبطل العقد لهذا المعنى فكذلك إذا انقطع المسلم فيه من أيدي الناس وحجتنا في ذلك أنه يعذر بتسليم المعقود عليه بعارض على شرف الزوال فيتخير فيه
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست