لا يعيش أكثر من مائة سنة * وحكى انه لما سئل عن معنى هذا قال أبينه لكم بطريق محسوس فان المولود إذا كان ابن عشر سنين يدور حول أبويه هكذا وعقد عشرا فإن كان ابن عشرين سنة فهو بين الصبا والشباب هكذا وعقد عشرين فإن كان ابن ثلاثين سنة يستوى هكذا وعقد ثلاثين فإذا كان ابن أربعين تحمل عليه الأثقال هكذا وعقد أربعين فإذا كان ابن خمسين ينحني من كثر الأثقال والأشغال هكذا وعقد خمسين فإذا كان ابن ستين ينقبض للشيخوخة هكذا وعقد ستين فإذا كان ابن سبعين يتوكأ على عصا هكذا وعقد سبعين فإذا كان ابن ثمانين يستلقى هكذا وعقد ثمانين فإذا كان ابن تسعين تنضم أمعاؤه هكذا وعقد تسعين فإذا كان ابن مائة سنة يتحول من الدنيا إلى العقبى كما يتحول الحساب من اليمنى إلى اليسرى * وهذا يحمل من أبى يوسف على طريق المطايبة إلا أن يكون يعرف الحكم بمثل هذا وهو كما نقل عن أبي يوسف رحمه الله انه سئل عن بنات العشر من النساء فقال لهو اللاهين فسئل عن بنات العشرين فقال لذة المعانقين فسئل عن بنات الثلاثين فقال تنموا وتلين وسئل عن بنات الأربعين فقال ذات مال وبنين فسئل عن بنات الخمسين فقال عجوز في الغابرين وسئل عن بنات الستين فقال لعنة اللاعنين. وكان محمد ابن سلمة يفتى في المفقود بقول أبى يوسف حتى تبين له خطؤه في نفسه فإنه عاش مائة سنة وسبع سنين. فالأليق بطريق الفقه أن لا يقدر بشئ لان نصب المقادير بالرأي لا يكوز ولا نص فيه ولكن نقول إذا لم يبق أحد من أقرانه يحكم بموته اعتبارا لحاله بحال نظائره (وذكر) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمهما الله قال لقيت المفقود نفسه فحدثني حديثه قال أكلت حريرا في أهلي ثم خرجت فأخذني نفر من الجن فمكثت فيهم ثم بدا لهم في عتقي فأعتقوني ثم أتوا بي قريبا من المدينة فقالوا أتعرف النخل فقلت نعم فخلوا عنى فجئت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أبان امرأتي بعد أربع سنين وحاضت وانقضت عدتها وتزوجت فخيرني عمر رضي الله عنه بين أن يردها علي وبين المهر. وأهل الحديث رحمهم الله يرون في هذا الحديث انه هم بتأديبه حين رآه وجعل يقول يغيب أحدكم عن زوجته هذه المدة الطويلة ولا يبعث بخبره فقال لا تعجل يا أمير المؤمنين وذكر له قصته * وفى هذا الحديث دليل لمذهب أهل السنة والجماعة رحمهم الله في أن الجن قد يتسلطون على بني آدم وأهل الزيغ ينكرون ذلك على اختلاف بينهم. فمنهم من يقول المستنكر دخولهم
(٣٦)