هذا ان مطلق عقد الشركة يقتضى التسوية قال الله تعالى في ميراث أولاد الأم (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) اقتضي التسوية بين الذكور والإناث فلما قال هنا أشركتك فيه فمعناه سويتك بنفسي وذلك تمليك للنصف منه وكذلك لو أشرك رجلين فيه صفقة واحدة كان العبد بينهم أثلاثا لأنه سواهما بنفسه وإنما تتحقق التسوية إذا كان العبد بينهم أثلاثا. قال (ولو اشتري رجلان عبدا فأشركا فيه رجلا فالقياس أن يكون للرجل نصفه ولكل واحد من المشتريين ربعه) لان الاشتراك تمليك بطريق التسوية بين المشتري وبين من أشرك على ما روى أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما اشترى بلالا رضي الله عنه أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال صلوات الله وسلامه عليه أشركني فيه فقال قد أعتقته. فعرفنا بهذا أن الاشراك تمليك حتى امتنع منه بالاعتاق ومقتضى لفظ الاشراك التسوية فكل واحد منهما صار مملكا نصف نصيبه منه حين سواه بنفسه في نصيبه فيجمع له نصف العبد ويبقى لكل واحد منهما ربعه. وفى الاستحسان يكون له ثلثه لأنهما حين أشركاه فقد سوياه بأنفسهما فيقتضى هذا اللفظ أن يسوى بينهما في ملك العبد وإنما يتحقق ذلك إذا صار له ثلث العبد من جهة كل واحد منهما السدس ويبقى لكل واحد منهما ثلثه.
يوضحه أنهما حين أشركاه فقد جعلاه كالمشترى للعبد معهما ولو اشتراه معهما كان له ثلث العبد. قال (ولو أشركه أحد الرجلين في نصيبه ونصيب صاحبه فأجاز شريكه ذلك كان للرجل نصفه وللشريكين نصفه) لان اشراكه في نصيبه نفذ في الحال وفى نصيب شريكه توقف على إجازة الشريك وعند الإجازة يصير الشريك مشركا له في نصيبه فكأن كل واحد منهما أشركه في نصيبه بعقد على حدة (وروى) ابن سماعة عن أبي يوسف رحمهما الله أن أحد المشتريين إذا قال لرجل أشركتك في هذا العبد فأجاز شريكه كان العبد بينهم أثلاثا لان الإجازة في الانتهاء كالاذن في الابتداء ولو أشركه باذن شريكه كان بينهم أثلاثا هذا لان المجيز صار راضيا بالسبب لا مباشرا له والحكم الثابت عند الإجازة يسند إلى وقت العقد فيصير كأنهما أشركاه معا فيكون بينهم أثلاثا. قال (وكذلك أن أشركه أحدهما في نصيبه ولم يسم في كم أشركه ثم أشركه الآخر أيضا في نصيبه) لان كل واحد منهما سواه بنفسه في نصيبه في عقد على حدة فيصير مملكا نصف نصيبه منه. وذكر ابن سماعة عن ابن يوسف رحمهما الله أن أحد المشتريين لو قال لرجل أشركتك في نصف هذا العبد كان مملكا جميع نصيبه منه