يسأل ابن عباس رضي الله عنهما سؤال التعمق حتى سأله يوما لماذا طلب سليمان عليه السلام الهدهد قال ليخبره بالماء فإنه يبصر الماء تحت الأرض وإن كان إلى مائة ذراع فقال إنه لا يبصر الفخ تحت التراب فكيف يبصر الماء تحت الأرض فقال ابن عباس رضي الله عنه ما إذا جاء القضاء عمى البصر ومما سأله هذا الذي رواه وجوابه ما قال ابن عباس رضي الله عنهما أن عالم موسى كان يعلم من ذلك الغلام ما أظهره لموسى عليه السلام حين استعظم ذلك فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا وذكر الطحاوي رحمه الله تعالى أن ذلك الغلام الذي قتله عالم موسى كان بالغا فقد كان عاقلا مميزا والبلوغ في ذلك الوقت كان بالعقل ثم ذكر في الحديث وكتبت تسألني عن اليتيم متى يخرج من اليتم فإذا احتلم يخرج من اليتم ويضرب له بسهم وهذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يتم بعد الحلم والذي روى أن الكفار كانوا يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم أبى طالب بعد المبعث قد كانوا يقصدون الاستخفاف به لا انه في الحال يتيم قيل هذا لطف من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يشتمون يتيما وهو لم يكن يتيما ولا تتناوله تلك الشتمة كما روي أنهم كانوا يسمونه مذمما ويشتمون مذمما وهو كان محمدا صلى الله عليه وسلم فلا تتناوله تلك الشتمة فهذا مثله والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (باب معاملة الجيش مع الكفار) (قال) رضي الله عنه وإذا غزا الجيش أرضا لم تبلغهم الدعوة لا يحل لهم أن يقاتلوهم حتى يدعوهم الاسلام ليعرفوا انهم على ماذا يقاتلون وهو معنى حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى دعاهم إلى الاسلام ولو قاتلوهم بغير دعوة كانوا آثمين في ذلك ولكنهم لا يضمنون شيئا مما أتلفوا من الدماء والأموال عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى في القديم يضمنون ذلك لبقاء صفة الحقن والعصمة إلا أن يوجد الاباء منهم ولا يتحقق ذلك إلا أن تبلغهم الدعوة ولكنا نقول العصمة المقومة تكون بالاحراز وذلك لم يوجد في حقهم ولئن كانت العصمة بالدين كما يدعيه الخصم فهو غير موجود في حقهم أيضا والقتل اما أن يكون للمحاربة كما يقوله علماؤنا رحمهم الله تعالى أو للشرك كما يقوله الخصم وذلك موجود في حقهم ولكن شرط الإباحة تقديم الدعوة فبدونه لا يثبت
(٣٠)