لا نفي المساواة بين دمائهم ودماء غيرهم بل ذلك مفهوم والمفهوم عندنا ليس بحجة وبقوله يسعى بذمتهم أدناهم يستدل محمد رحمه الله تعالى على صحة أمان العبد فان أدنى المسلمين العبيد ولكنا نقول معناه يسعى بذمتهم أقربهم إلى دار الحرب وهو من يسكن الثغور مشتق من الدنو وهو القرب لامن الدناءة قال الله تعالى فكان قاب قوسين أو أدنى وقيل معناه أقلهم في القرب ويكون ذلك من القلة كما في قوله تعالى ولا أدنى من ذلك ولا أكثر فيكون ذلك دليلا على صحة أمان الواحد أو المراد به الفاسق لأنه لا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينسب العبد الورع إلي الدناءة وقيل المراد بالذمة عقد الذمة دون الأمان وذلك صحيح من العبد عندنا وعن أبي عمير مولى آبي اللحم قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنائم حنين فقال لي تقلد هذا السيف فتقلدته فجررته على الأرض فأعطاني؟ من حربي المتاع ومنهم من يروى مولى أبى اللحم والأشهر هو الأول لان مولاه كان يأبى اللحم فسمى بآبي اللحم وفى الحديث إشارة إلى صغره لان جر السيف على الأرض لصغره وقيل لا بل فعل ذلك على طريق الخيلاء كما يفعله المبارز بين الصفين وفائدة الحديث أن من قاتل ممن لا يستحق السهم لصغر أو رق فإنه يرضخ له لأنه أعطاه من حربي المتاع يعنى الشفق منه على سبيل الرضخ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم لمستهل الشهر وأقام عليها أربعين يوما وفتحها يعنى الطائف في صفر وفى هذا دليل على أنه لا بأس بالقتال في الشهر الحرام فان المحاصرة من القتال وقد روى أنه نصب المنجنيق على الطائف ففعله بيان أن ما كان من حرمة القتال في الأشهر الحرم قد انتسخ وكان الكلبي رحمه الله يقول ذلك ليس بمنسوخ ولسنا نأخذ بقوله في ذلك بل بما روى عن مجاهد رحمه الله قال النهى عن القتال في الأشهر الحرم منسوخ نسخه قوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقد بينا أن سورة براءة من آخر ما نزل فانتسخ به ما كان من الحكم في قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه الآية (فان قيل) كيف يستقيم دعوى النسخ بهذه الآية وقد قال الله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرام فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية (قلنا) المراد به مضى مدة الأمان الذي كان لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى كما قال فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ووافق مضى ذلك انسلاخ الأشهر الحرم والدليل على نسخ حرمة القتال في الأشهر الحرم قوله تعالى منها أربعة حرم إلى قوله فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة
(٢٦)