وقيل من مذهبنا كراهة القسمة في دار الحرب لا بطلان القسمة لما في القسمة من قطع شركة المدد فتقل به رغبتهم في اللحوق بالجيش ولأنه إذا قسم تفرقوا فربما يكثر العدو على بعضهم وهذا أمر وراء ما يتم به القسمة فلا يمتنع جوازها وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال إذا لم يجد الامام حمولة لها يحمله عليها فليقسمها في دار الحرب هكذا ذكر في بعض روايات هذا؟ الكتاب ووجهه أن هذه حالة ضرورة لأنه لو لم يقسمها يحتاج إلى تركها فيبطل حق الغانمين فيها فكان تقرير حقهم بالقسمة أنفع وإن كان فيه قطع شركة المدد وكما لا يقسمها لا يبيعها في دار الحرب لان البيع ينبني على تأكد الحق بالاحراز ولان البيع تصرف كالقسمة ألا ترى أن في البيع قبل القبض يسوى بين البيع والقسمة وإذا كان في الغنيمة طعام أو علف فاحتاج إليه رجل تناول بقدر حاجته وقوله فاحتاج مذكور على وجه العادة دون الشرط فللمحتاج وغير المحتاج ان يتناول من ذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنه ما ان المسلمين أصابوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو طعاما وعسلا فلم يخمس ذلك وكان الرجل منهم يصيب من ذلك بقدر حاجته وان المسلمين لما ظهروا على كسرى ظفروا بمطبخه وكان قد أركت القدور وظن بعض الاعراب ان ذلك طيب فهموا ان يصبغوا به لحاهم فقيل أنه مأكول فوقعوا في ذلك حتى اتخموا وان غلاما لسلمان رضي الله عنه أتاه بسلة يوم القادسية فقال افتحها فإن كان فيها طعام أصبنا منه وإن كان فيها مال رددناه على هؤلاء فإذا فيها خبز وجبن وسكين فجعل يأكل من ذلك ويقطع لأصحابه من الجبن ويصف لهم كيف يتخذ الجبن فدل أنه كان معروفا بينهم الرخصة في الطعام والعلف نظير الطعام لأنه محتاج إليه لظهره كما يحتاج إلى القوت لنفسه وهذا لأنهم لا يمكنهم أن يستصحبوا من الطعام والعلف مقدار حاجتهم للذهاب والرجوع ولا يجدون في دار الحرب من يشترون منه وما يأخذون يكون غنيمة فللعلم بوقوع الحاجة إليه يصير مستثنى من شركة الغنيمة ويبقى على أصل الإباحة ولهذا حل للمحتاج وغير المحتاج ما لم يخرجوا إلى دار الاسلام فإذا خرجوا فقد ارتفعت الضرورة لأنهم يجدون في دار الاسلام الطعام والعلف بالشراء فيثبت حكم الغنيمة فيما كان باقيا منها وكذلك يتناول من سلاح الغنيمة إذا احتاج إليه للقتال ثم يرده إذا استغنى عنه ويكره من غير حاجة لان المستثنى من شركة الغنيمة الطعام والعلف للعلم بتجدد الحاجة إليهما في كل وقت وذلك لا يوجد
(٣٤)