إبلا وبقرا وغنما لقسمتها بينكم ثم لا تجدونني جبانا ولا بخيلا فمع كثرة مطالبتهم أخر القسمة حتى انتهى إلى دار الاسلام فدل أنها لا تقسم في دار الحرب (قال) واما خيبر فإنه افتتح الأرض وجرى فيها حكمه فكانت القسمة فيها بمنزلة القسمة في المدينة وقسم الغنائم فيها قبل أن يخرج منها ففي هذا دليل أن الامام إذا افتتح بلدة وصيرها دار اسلام باجراء أحكام الاسلام فيها فإنه يجوز له أن يقسم الغنائم فيها وقد طال مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد الفتح وأجرى أحكام الاسلام فيها فكانت من دار الاسلام القسمة فيها كالقسمة في غيرها من بقاع دار الاسلام (قال) وقسم غنائم بني المصطلق في ديارهم وكان قد افتتحها يعنى صيرها دار الاسلام ودل على ذلك حديث مكحول قال ما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم الا في دار الاسلام وفى هذا دليل على أنها لا تقسم في دار الحرب لان الأفعال المتفقة في الأوقات المختلفة لا تكون الا على صفة واحدة الا لداع يدعو إليها وليس ذلك إلا لكراهة القسمة في دار الحرب وذكر عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفارس سهمين والراجل سهما يوم بدر وإنما كان يوم بدر مع المسلمين فرسان وسبعون بعيرا ففي هذا دليل أنه يسهم للفرس دون غيره من البهائم وهذا لان الارهاب الذي يحصل بالخيل لا يحصل بغيره قال الله تعالى ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وفيه دليل أنه يسهم للفرس سهم واحد وهو حجة لأبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنهما يقولان للفرس سهمان وللرجل سهم واحد وقد ورد به بعض الآثار ولكن رجح أبو حنيفة رحمه الله تعالى حديث ابن عباس رضي الله عنه ما في غنائم بدر قال السهم الواحد متيقن به لاتفاق الآثار وما زاد عليه مشكوك فيه لاشتباه الآثار فلا أعطينه الا المتيقن ولا أفضل بهيمة على آدمي وسنقرره في موضعه إن شاء الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما في جعل القاعد للشاخص ما جعل من ذلك في الكراع والسلاح فلا بأس به وما صنع ذلك في متاع البيت فلا خير فيه وفيه دليل جواز التجاعل بخلاف ما يقوله بعض الناس ان من خرج للجهاد لا يحل له أن يجتعل من غيره واعتمدوا فيه ما روى أن رجلا استؤجر بدينارين للجهاد فلما جاء يطلب الغنيمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بكم استؤجرت قال بدينارين قال إنما لك ديناران في الدنيا والآخرة ولكنا نقول بهذا فنقول الاستئجار علي الجهاد لا يجوز والتجاعل ليس
(١٩)