المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٩٤
فيه والثاني أن الآخذ إنما تمكن منه بقوة المسلمين لأنه رقبانى مثله يدفعه عن نفسه فإنما صار قاهرا له بقوة المسلمين فلهذا لا يختص به؟ وهو نظير السرية مع الجيش في دار الحرب فان السرية لا تختص بما أخذت لان تمكنهم بقوة الجيش فهذا مثله والمسلمون بمنزلة المدد للآخذ وتأكد الحق بالأخذ والاحراز وقد شاركوه في الاحراز وان اختص هو بالأخذ وقد بينا أن المدد يشاركون الجيش إلا أن الاحراز هناك بعد الاخذ وههنا الاحراز سبق الاخذ فإذا شاركوه بالمشاركة في الاحراز بعد الاخذ فلان يشاركوه بالاحراز منهم قبل أخذه أولى وبه فارق الصيد والحطب لان تمكنه من هذه الأشياء لم يكن بقوة المسلمين إذ لا دفع في المال ولكن الطريق الأول أصح فان على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا أسلم قبل أن يؤخذ فهو رقيق للمسلمين ومن أسلم قبل الاخذ فحريته تتأكد باسلامه كما لو أسلم في دار الحرب فلولا أنه صار مأخوذا بالدار لكان حرا إذا أسلم قبل أن يؤخذ وعندهما إذا أسلم قبل أن يؤخذ فهو حر لا سبيل عليه لان سبب الرق فيه الاخذ والمسلم لا يسترق فكان حرا ولو أسلم ثم رجع إلى دار الحرب قبل أن يؤخذ فهو حر بالاتفاق كما لو رجع قبل أن يسلم ثم في وجوب الخمس فيه إذا أخذ روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في احدى الروايتين قال المأخوذ بمنعة الدار كالمأخوذ بمنعة الجيش يكون غنيمة يخمس وفى الرواية الأخرى قال الخمس فيما أوجف عليه المسلمون ولم يوجد ذلك ههنا فهو بمنزلة الجزية والخراج لا خمس فيها ولان الحق فيه لجماعة المسلمين يصرف إلى بيت المال فلا فائدة في ايجاب الخمس فيه وكذلك عن محمد رحمه الله تعالى روايتان في ايجاب الخمس فيه في احدى الروايتين جعله كالحطب والصيد فلا خمس فيه لأنه ما أصيب بطريق فيه اعزاز الدين وفي الرواية الأخرى قال فيه الخمس بمنزلة الركاز وهذا لان الواجد إنما أخذه بقوة المسلمين وأذن الامام له في ذلك فان الامام أذن في مثله لكل مسلم ولو أخذه في دار الحرب بهذا الطريق اختص به وكان فيه الخمس فكذلك إذا أخذه في دار الاسلام وان دخل الحرم قبل أن يؤخذ فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يؤخذ ويكون فيئا للمسلمين لان حقهم ثبت فيه قبل أن يدخل الحرم فهو كعبد من عبيد بيت المال دخل الحرم وهذا لأنه قبل أن يدخل الحرم كان يجوز قتله واسترقاقه فبدخوله الحرم استفاد الامن من القتل فيبقى حكم الرق فيه للمسلمين كما لو أسلم فأما عندهما لا يتعرض له في الحرم لأنه لم يصر مأخوذا عندهما فهو حر مباح الدم
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست