المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٧٧
أنه كاذب وهو غير ثقة فلا بأس بشرائها منه لان خبره غير معتبر إذا كان أكبر رأى السامع بخلافه فكان المعني فيه أن خبر العدل كان مقبولا لترجح جانب الصدق فيه بأكبر الرأي لا بطريق اليقين فان العدل غير معصوم من الكذب فإذا وجد مثله في خبر الفاسق كان خبره كخبر العدل وان كانا جميعا غير ثقة وأكبر رأيه أن الثاني صادق لم يتعرض لشئ من ذلك بمنزلة ما لو كان الثاني ثقة وفي الكتاب قال لان هذا من أمر الدين وعليه أمور الناس وهو إشارة إلي أن كل ذي دين معتقد لما هو من أمور الدين فتتم الحجة بخبر الثقة لوجود الالتزام من السامع اعتقادا أو التعامل الظاهر بين الناس اعتماد هذه الأخبار ولو لم يعمل في مثل هذه الا بشاهدين لضاق الامر على الناس فلدفع الحرج يعتمد فيه خبر الواحد كما جعل الشرع شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطلع عليه الرجال حجة تامة لدفع الضيق والحرج (قال) ألا تري لو أن تاجرا قدم بلدا بجواري وطعام وثياب فقال أنا مضارب فلان أو أنا مفاوضه وسع الناس أن يشتروا منه ذلك وكذلك العبد يقدم بلدا بتجارة ويدعى أن مولاه قد أذن له في التجارة فان الناس يعتمدون خبره ويعاملونه ولو لم يطلق لهم ذلك كان فيه من الحرج ما لا يخفى واستدل عليه بحديث رواه عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى عن أبي الهيثم أن عاملا لعلي رضي الله عنه أهدى إليه جارية فسألها أفارغة أنت فأخبرته أن لها زوجا فكتب إلى عامله انك بعثت بها إلى مشغولة قال أفترى أنه كان مع الرسول شاهدان أن عاملك أهدى هذه إليك وقد سألها علي رضي الله عنه أيضا فلما أخبرته أن لها زوجا صدقها وكف عنها ولم يسألها عن ذلك إلا أنها لو أخبرته أنها فارغة لم ير بأسا بوطئها (قال) وأكبر الرأي والظن مجوز للعمل فيما هو أكبر من هذا كالفروج وسفك الدماء فان من تزوج امرأة ولم يرها فأدخلها عليه انسان وأخبره أنها امرأته وسعه أن يعتمد خبره إذا كان ثقة أو كان في أكبر رأيه انه صادق فيغشاها وكذلك لو دخل على غيره ليلا وهو شاهر سيفه أو ماد رمحه يشتد نحوه ولا يدرى صاحب المنزل انه لص أو هارب من اللصوص فإنه يحكم رأيه فإن كان في أكبر رأيه انه لص قصده ليأخذ ماله ويقتله ان منعه وخافه ان ان زجره أو صاح به أن يبادره بالضرب فلا بأس بأن يشد عليه صاحب البيت بالسيف فيقتله وإن كان في أكبر رأيه أنه هارب من اللصوص لم ينبغ له أن يعجل عليه ولا يقتله وإنما أورد هذا لايضاح ما تقدم أن أهم الأمور الدماء والفرج فان الغلط إذا وقع فيهما
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست