المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٠
في الكلام الأول شاءت غير ما جعله الزوج شرطا لان الشرط مشيئتها الثلاث وقد شاءت الواحدة واشتغالها بمشيئة أخرى يكون ردا للمشيئة التي جعلها الزوج شرطا فكان هذا بمنزلة قولها لا أشاء ولو قالت ذلك لم يكن لها مشيئة بعده فكذلك هنا بخلاف الأول فان كلامها موصول هناك وبتأخره بين انه ايجاد للشرط لا رد للمشيئة ولو قالت قد شئت ان شاء أبى كان هذا باطلا لان الشرط مشيئتها وما أنت به إنما علقت مشيئتها بمشيئة أبيها والتعليق غير التنجيز ألا ترى ان المفوض إليها تنجيز الطلاق لا تمليك التعليق ثم اشتغالها بالتعليق بمنزلة قيامها في خروج الامر من يدها فلا مشيئة لها بعد ذلك وان كانت في المجلس ولو قال لها إذا شئت فأنت طالق أو متي شئت كان لها ان تشاء في المجلس وبعد القيام من المجلس متى شاءت مرة واحدة لان كلمة إذا ومتى للوقت فكأنه قال أي وقت شئت فيكون موجب هذا الحرف تعدى المشيئة إلى ما بعد المجلس من الأوقات لا التكرار فكان لها المشيئة مرة واحدة في أي وقت شاءت وكذلك قوله إذا ما شئت أو متى ما شئت ولو قال لها أنت طالق كلما شئت كان لها ذلك أبدا كلما شاءت مرة بعد أخرى حتى يقع عليها ثلاث تطليقات لان كملة كلما تقتضي التكرار وإن شاءت مرة واحدة وصارت طالقا واحدة وانقضت عدتها ثم تزوجها كان لها المشيئة أيضا لبقاء بعض التطليقات المملوكة له ولو شاءت ثلاث مرات ثم تزوجها بعد زوج فلا مشيئة لها لان كلامه إنما يتناول التطليقات المملوكة ولم يبق منها شئ بعد وقوع الثلاث وفى هذا خلاف زفر وقد بيناه ولو أنها شاءت مرتين ووقع عليها تطليقتان وانقضت عدتها فتزوجت بزوج آخر ودخل بها ثم عادت إليه تعود بثلاث في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ولها المشيئة في ذلك كله مرة بعد مرة لبقاء شئ من التطليقات المملوكة له وقد قررنا هذا الفرق فيما سبق أنه إذا بقي شئ مما تناوله عقده واستفاد من جنسه يتعدى حكم ذلك العقد إليه بخلاف ما إذا لم يبق شئ منه وكذلك لو لم تشأ حتى طلقها الزوج ثلاثا فلا مشيئة لها بعد ذلك وان عادت إليه بعد الزوج بخلاف ما لو طلقها واحدة أو اثنتين ولو لم تشأ شيئا وردت المشيئة كان ردها باطلا لان ردها إعراض بمنزلة قيامها عن المجلس وفي لفظ كلما لا تبطل مشيئتها بقيامها فكذلك بردها وهذا لان شرط المشيئة في حكم الرد كسائر الشروط ولو علق الطلاق بدخولها الدار فردت كان ردها باطلا ألا ترى أن في جانب الزوج جعل هذا في اللزوم والتعليق بشرط آخر سواء (قال) ولو
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست