المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢١٦
ولا يقع عليها شئ ولو قال لها اختاري فقالت أختار نفسي في القياس لا تطلق لان كلامها وعد وليس بايجاب ألا ترى أنه لو قال لها طلقي نفسك فقالت أنا أطلق نفسي لم يقع شئ ولكن في الاستحسان تطلق لان قولها أختار وعد صورة وايجاب معني والعادة الظاهرة في هذا اللفظ أنه يراد به الحال دون الاستقبال يقول الرجل فلان يختار كذا وأنا أختار كذا والشاهد يقول بين يدي القاضي أشهد والمؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله والمراد به التحقيق دون الوعد ولم يوجد مثل هذه العادة في قولها أنا أطلق نفسي فلهذا يؤخذ هناك بالقياس ولو قال لها اختاري فقالت قد فعلت لم يقع شئ كما لو قالت اخترت لان قولها قد فعلت في معنى الابهام أزيد من قولها قد اخترت وإذا قال اختاري نفسك فقالت قد فعلت طلقت كما لو قالت اخترت لأنها أخرجت الكلام مخرج الجواب فيصير ما تقدم في الخطاب كالمعاد في الجواب وان قال اختاري إن شئت فقالت قد اخترت نفسي وقع الطلاق عليها لان في اختيارها نفسها مشيئة وزيادة وان قال اختاري بألف درهم فاختارت زوجها لم يلزمها المال لان وجوب المال عليها بإزاء البينونة ولا يحصل ذلك إذا اختارت زوجها بخلاف ما إذا اختارت نفسها فالبينونة قد حصلت هنا وقد أوجب الزوج ذلك لها بعوض وفى اختيارها نفسها قبول منها (قال) وان قال اختاري فقالت قد اخترت نفسي ان كنت زوجي أو إن كان كذا لشئ ماض وقع الطلاق لان التعليق بالموجود تنجيز فهذا وقولها اخترت نفسي سواء فان اشترطت شيئا لم يكن فقد بطل الخيار لأنها أتت بالتعليق وإنما فوض إليها التنجيز فاشتغالها بالتعليق يكون اعراضا عما فوض إليها فيبطل خيارها (قال) وان قال اختاري فقالت قد طلقت نفسي طلقت واحدة بائنة بخلاف ما لو قال لها طلقي نفسك فقالت قد اخترت نفسي كان هذا باطلا لان لفظ الاختيار أضعف من لفظ الطلاق ألا ترى أن الزوج يملك الايقاع بلفظ الطلاق دون لفظ الاختيار فالأضعف لا يصلح جوابا للأقوى والأقوى يصلح جوابا للأضعف توضيحه أن قولها طلقت نفسي لو كان قبل تخيير الزوج توقف على إجازة الزوج فإذا كان بعد تخيير الزوج يكون عاملا وقولها اخترت نفسي قبل تخيير الزوج يكون لغوا لا يتوقف على إجازة الزوج فكذلك بعد تفويض الزوج بقوله طلقي نفسك لان التفويض غير التخيير يقرره أن بقوله اختاري نفسك يثبت لها الخيار ومن ضرورته أن تملك اكتساب سبب الفرقة وقولها طلقت نفسي من ذلك فيصح منها فأما قوله طلقي نفسك فإنه تفويض للطلاق
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست