المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٨
لو راجعها بالتقبيل أو المس عن شهوة حتى روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه إذا كان أخذ بيد امرأته عن شهوة فقال لها أنت طالق ثلاثا للسنة يقع عليها ثلاث تطليقات في الحال يتبع بعضها بعضا لان كلما وقع عليها تطليقة صار مراجعا لها فتقع أخرى فأما إذا راجعها بالجماع فإن لم تحبل فليس له أن يطلقها أخرى في هذا الطهر بالاجماع لأنه طهر قد جامعها فيه وان راجعها بالجماع فحبلت فعند أبي يوسف رحمه الله تعالى ليس له أن يطلقها أخرى أيضا لأنه قد طلقها في هذا الطهر واحدة والطهر الواحد لا يكون محلا لأكثر من تطليقة واحدة على وجه السنة وعند أبي حنيفة ومحمد وزفر رحمهما الله تعالى له أن يطلقها أخرى لأن العدة الأولى قد سقطت والطلاق عقيب الجماع في الطهر إنما لا يحل لاشتباه أمر العدة عليها وذلك لا يوجد إذا حبلت وظهر الحبل بها (قال) وإذا طلق الرجل امرأته واحدة بائنة فقد أخطأ السنة والطلاق واقع عليها وفى زيادات الزيادات قال التطليقة البائنة تقع بصفة السنة كالرجعية لان ابن ركانة رضى الله تعالى عنه طلق امرأته البتة ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ايقاع الطلاق بهذا اللفظ فلو كان خلاف السنة لأنكر عليه كما أنكر على ابن عمر رضى الله تعالى عنه والواقع بهذا اللفظ يكون بائنا والدليل عليه الطلاق قبل الدخول والخلع فإنه يقع بائنا ولا يكون مكروها فأما وجه ظاهر الرواية أن إباحة الايقاع للحاجة إلى التفصي عن عهدة النكاح ولا حاجة به إلى زيادة صفة البينونة فكانت زيادة هذه الصفة كزيادة العدد ثم لا مقصود له في ذلك سوى رد نظر الشرع له بقطع خيار الرجعة وسد باب التلافي على نفسه عند الندم وهذا بخلاف الخلع فإنه يحتاج إلى ذلك لاسترداد ما ساق لها من الصداق إذا كان النشوز منها مع أن الخلع لا يكون إلا عند تحقق الحاجة ولهذا روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى انه لا يكره في حالة الحيض والطلاق قبل الدخول لا يكون الا بائنا والتي لم يدخل بها ليست نظير التي دخل بها بدليل الايقاع في حالة الحيض وتأويل حديث ابن ركانة رضي الله عنه انه طلقها قبل الدخول بها وقبل الدخول بأي لفظ أوقع يكون بائنا ويحتمل أن يكون أخر الانكار إلى وقت آخر لعلمه انه لفرط الغيظ لا يقبل في ذلك الوقت والله أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست